انعكس الحراك الكردي في تركيا وسوريا على الأكراد في إيران، الذين بدأوا محاولة توحيد الصفوف في محاولة لاستعادة الزخم لحركة الشعب الكردي، الذي يحاول منذ عقود استعادة ما يعتقد أنها حقوقا مسلوبة من قبل الدول التي تتقاسم أراضي "كردستان التاريخية".

وبعد انهيار السلطنة العثمانية، كرست الخريطة الجديدة للمنطقة، التي رسمتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى صعوبة إقامة "الوطن الكردي"، بعد أن بات الشعب الكردي مشرذما في بقعة جغرافية تتقاسمها سوريا والعراق وتركيا، بالإضافة إلى إيران.

وخاض أكراد إيران مواجهات مع السلطات الإيرانية المتعاقبة منذ مطلع القرن الماضي، ضمن عناوين وأهداف اختلفت وفق الظروف السياسية الإقليمية والدولية، وذلك على غرار "نضال" الكرد في العراق وتركيا، الذي اعتبرته أنظمة هذه الدول "تمردا".

ورغم الأهداف الكثيرة التي اختلفت بين الانفصال لإقامة الدولة الكردية المنشودة، وتحقيق الاستقلال الذاتي، ربما تمهيدا للاستقلال النهائي، واستعادة الحقوق من الأنظمة كاعتراف الدول الأربع باللغة الكردية، إلا أن الثابت الوحيد في معاناة الكرد، هو الحرمان والمعاناة.

ففي إيران، حيث تبلغ نسبة الأكراد، وفق موقع الاستخبارات الأميركية على الإنترنت، 10 بالمائة من أصل أكثر من 75 مليون نسمة، هم مجموع الشعب الإيراني، اتسمت العلاقة بين الكرد والأنظمة المتعاقبة بالمد والجزر، ولم تخل من صدامات دامية.

فأكراد إيران، الذين ينتشرون على وجه الخصوص في محافظات كردستان وكرمانشاه وأذربيجان الغربية وإيلام في شمال إيران وغربها، كادوا، بعد عدة نزاعات، يحققون حلم الدولة عام 1946، حين أعلنوا "جمهورية مهاباد" في عهد الشاه الإيراني، محمد رضا بهلوي.

لكن السلطات الإيرانية نجحت، بعد أشهر قليلة، في القضاء على الدويلة الوليدة، لتستمر علاقة المد والجز مع نظام الشاه، وصولا إلى عام 1979 حين أطاحت ما تسمى بالثورة الإسلامية بنظام الشاه وسمحت "لولي الفقيه" الخميني بقيادة البلاد.

ورفضت الأحزاب الكردية في إيران الدستور الإيراني الجديد، بعد أن اعتبروا أنه يكرس العنصرية والتفرقة بين المواطنين، مما دفع الخميني إلى إصدار فتوى ضد الأكراد تعتبر أن "الكرد كفار"، وقصفت الطائرات عدة مناطق كردية.

وأسفر قمع السلطات الإيرانية لانتفاضة الأكراد وكفاحهم المسلح، الذي استمر من 1979 إلى 1988، تاريخ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، عن مقتل 3 آلاف كردي، حسب مسؤول العلاقات العربية في حزب الكوملة الكردستاني الإيراني، سوران بالآتي.

وأقدمت السلطات الإيرانية على اغتيال عدد من قادة الأكراد، من أبرزهم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، عبد الرحمن قاسملو، الذي قتل، وفق بالآتي على يد المخابرات الإيرانية في فيينا عام 1989، حيث كان يخوض مفاوضات مع النظام الإيراني نفسه.

واستمرت السلطات الإيرانية في اغتيال قادة الأكراد، وفي القمع السياسي المتمثل بمنع الكرد من المشاركة في الحياة السياسية بشكل مستقل وحظر الأحزاب الكردية، وأهمها حزب الكوملة والحزب الديمقراطي الكردستاني، التي لا تهدف إلا إلى إقامة نظام فيدرالي في إيران.

وانتقلت هذه الأحزاب خلال عقود من المطالبة بحقوق الأكراد وباقي الأقليات العرقية في إيران، إلى التشديد على نظام فيدرالي، حسب بالآتي، الذي أكد أن التيارات الكردية تعمل على تشكيل "الجبهة الكردية الموحدة" للتنسيق سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا.