تشهد حركة طالبان باكستان فيما يبدو صراعا على القيادة، بعد تراجعها عن تعيين الرجل الثاني فيها خان سعيد قائدا لها بعد مقتل زعيمها حكيم الله محسود في غارة أميركية قبل يومين، واختيارها لقائد مؤقت هو عصمت الله شاهين.
وباختيار عصمت الله شاهين، القيادي ذو الخبرة الواسعة في القتال، تكون محادثات السلام التي كانت مزمعة مع حكومة إسلام أباد قد "ماتت قبل أن تولد"، بحسب الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية جاسم تقي الدين.
وكانت طائرة من دون طيار قد استهدفت محسود وثلاثة من مرافقيه في إقليم وزيرستان الجمعة، لتحرم الحركة من قائد قوي ارتبط باسمه كثير من الهجمات على الجيش الباكستاني ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
وقال تقي الدين في اتصال هاتفي مع سكاي نيوز عربية:" إن اختيار عصمت الله شاهين بدلا من خان سعيد يشير إلى صراع واضح على قيادة الحركة وتأثرها بشدة بالغارة المباغتة التي أصابتها في رأسها".
وتتكون حركة طالبان باكستان من 33 مجموعة مسلحة، تتنوع في خبراتها القتالية، وخلفياتها العرقية "ما يجعل الصراع على القيادة أمرا منطقيا داخل هذه الحركة الواسعة"، بحسب تقي الدين.
وهذه هي المرة الأولى التي يتولى فيها زمام الحركة قائد لا ينتمي لإحدى القبيلتين التي تهيمنان على إقليم وزيرستان، محسود ووزير.
ويقود شاهين حاليا فرع الحركة في منطقة وزيرستان الشمالية، لكنه سيعمل على تصريف أمور الحركة كلها حالما يتم اختيار قائد عام جديد.
و يتحدر شاهين من حركة المجاهدين التي قاتلت في إقليم كشمير ضد الوجود الهندي. وبحسب الخبير الباكستاني فإن لشاهين خبرات قتالية واسعة، إذ قاتل أيضا في أفغانستان عندما كانت منطقة القبائل المعقل الرئيسي للمسلحين الذين حاربوا الوجود السوفييتي هناك، كما استمر في قتال القوات الغربية بقيادة الولايات المتحدة وأيضا الجيش الأفغاني، قبل أن تتركز جهوده مقاتليه على الداخل الباكستاني فقط في الآونة الأخيرة.
وأد فرص السلام
وقال تقي الدين:" إن اختياره قائدا مؤقتا يعني أن الحركة تبعث برسالة إلى الحكومة الباكستانية بأنه لا فرصة لأي سلام مع الحركة.. فقد ماتت الفرصة قبل أن تولد".
وجاء اغتيال محسود قبل 18 ساعة فقط من توجه وفد رسمي من الحكومة الباكستانية يتألف من علماء دين من أجل إجراء مباحثات مع محسود وقادة الحركة لبدء عملية سلام تنهي العنف داخل البلاد.
وأصدرت الحركة بيانا اتهمت فيه الحكومة والجيش الباكستاني بالتعاون مع الولايات المتحدة في قتل زعيمها.
ونفت إسلام أباد علمها المسبق بالهجوم واستدعت السفير الأميركي للاحتجاج، واتهمت واشنطن بمحاولة تخريب جهودها من أجل إطلاق عملية سلام في المنطقة، وهو ما قللت منه وزارة الخارجية الاميركية بقولها الأحد إنها لا تعتقد أن الحادث سيخرب جهود السلام.
من جانبه، قال الخبير في الشؤون العسكرية الجنرال المتقاعد عبد القيوم ملك لسكاي نيوز عربية:" سينتقمون بكل قوة فنحن نعرف طريقة تفكيرهم، وهم مسلحون جيدا وشرسون ولن يتركوا الأمر يمر مرور الكرام".
وأوضح ملك أن الأميركيين "تسببوا في نكسة لجهودنا من أجل السلام، ولقد نفذ صبرنا منهم لأنهم لا يستمعون إلينا، ولا يعيرون اهتماما لمصالحنا".
وقال إن استراتيجية الحكومة "كانت تركز على تهدئة الأوضاع في المنطقة على أمل أن يسهم انسحاب القوات الغربية من أفغانستان نهاية العام إلى تحييد هذه الدولة ونزع فتيل العنف في بلادنا".
ولن يقتصر التهديد الامني على باكستان، فطرق الإمدادات اللوجستية إلى حلف الأطلسي في أفغانستان تمر عبر ممرات خيبر التي تقع بالقرب من وزيرستان، وستكون هدفا سهلا للمسلحين الذين استهدفوها مرارا في السابق، بحسب تقي الدين.