تكاد لحظة لقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ بضيفه مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، تنطق بالكثير حيال وضعية البلدين الندّين.
فلغة الجسد، تقول أبلغ مما يقوله الكلام، وابتسامة شي المبهمة تكاد تبتلع ملامح سوليفان القلقة. وهو يعكس حال العلاقة بينهما، إذ ترتاب الولايات المتحدة من كل خطوة تخطوها الصين في أي ملف، وهي التي انتهجت معها سياسة الاحتواء على مدى سنوات طويلة، لكن اليوم لا يتردد أي مسؤول أميركي في القول إن الصين تنفرد بالرقم واحد، في قائمة خصوم الولايات المتحدة، ومهددي تربعها على عرش النظام الدولي.
بالعودة إلى لقاء شي وسوليفان، فقد كان تتويجا لزيارة استمرت أيامًا ثلاثة، حطّ بها المسؤول الأميركي في بكين، والتقى بمسؤولين كبار، مثل وزير الخارجية وانغ يي، وتشانغ يوشيا، أحد نائبي رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية، وكان الختام مع شي جين بينغ، أكثر من حكم الصين الشيوعية بعد ماو تسي تونغ.
وجلب سوليفان في حقيبته إلى بكين، حزمة هائلة من الملفات التي تشتبك فيها واشنطن مع بكين، التجارة والاقتصاد وملف تايوان، الجزيرة التي لن تتخلى الصين عن ضمّها ولو أبحرت إلى بقعة أخرى من الكوكب.
وكان في حقيبة سوليفان، ملف دعم الصين لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، وحزمة نزاعات بحر الصين الجنوبي، والنفوذ في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ولم يغفل طبعًا التعامل مع كوريا الشمالية.
في الملفات غير العسكرية، ناقش التكنولوجيا والأمن السيبراني، قضايا حقوق الملكية الفكرية، سياسة المناخ والطاقة، وفي كل ملف من هذه الملفات، بحار من التفاصيل.
يكاد العملاقان يختلفان على كل شيء، إلا ضرورة عدم التصادم وخفض التصعيد، ذاك أن المنازلة الأشرس بينهما، ميدانها الاقتصاد بكل أبعاده. ومعايير التفوق فيها، المؤشرات والأرقام ونسب المبيع والإنتاج.
بعكس رؤية روسيا، التي شرعت في انقلاب على النظام العالمي الذي تديره واشنطن، عبر البوابة الأوكرانية.
وبرغم ذلك، يصنف الأميركيون روسيا ضمن رؤيتهم الاستراتيجية في خانة التحدي، بينما الصين التي لا تحب أن تقاتل، أو أنها تبدي ذلك على أقل تقدير، فيصنفونها في خانة التهديد.
والتهديد استرتيجيًا أخطر من التحدي في الاستراتيجية الأميركية، إنما يتربع على مؤشر الخطورة. ذاك أن موسكو تريد.. لكن بكين تستطيع!