تخشى طهران العودة إلى فترة ما يُعرف بـ"الضغوط القصوى" التي تعرضت لها في فترة حكم الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إذا ما فاز في انتخابات الرئاسة الأميركية.
ويُظهر الرئيس الأميركي السابق بين الحين والآخر نواياه بالتصعيد مع إيران، ومن ذلك أنه يوم السبت أعلنت حملته الانتخابية أنها تعرضت لاختراق في اتصالاتها الداخلية، متهمة طهران بالمسؤولية.
كما ذكر موقع "بوليتيكو" الأميركي أنه تلقى رسائل إلكترونية من حساب مجهول، تضمنت وثائق مرتبطة بحملة ترامب، منها ما يخص تقييم الحملة لقدرات جي دي فانس، المرشح لمنصب نائب ترامب في حال انتخابه رئيسا.
من ناحيتها، نفت إيران في بيان لبعثتها لدى الأمم المتحدة، الأحد، قيامها بالاختراق المذكور، وقالت إن الحكومة الإيرانية ليس لديها أي غرض أو دافع للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفق ما نشرته وكالة أنباء "مهر" الإيرانية.
وسبق أن نفت بعثة إيران لدى المنظمة الدولية، في يوليو الماضي، مزاعم أميركية بأن طهران دبرات مؤامرة لاغتيال ترامب، وذلك بعد ورود تقارير في هذا الصدد.
وتنصب مخاوف طهران من عودة ترامب إلى البيت الأبيض على مستقبل اقتصادها؛ حيث لن يغض الطرف عن "التفافها" على العقوبات الأميركية المفروضة عليها مثلما تفعل الإدارة الأميركية الحالية، وكذلك تخشى مُضي ترامب في ضم دول أخرى لاتفاقيات السلام مع إسرائيل، والإقدام على شن هجوم مباشر على إيران، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية".
اتفاقيات السلام
الدبلوماسي الإيراني السابق والمعارض، عادل الأسدي، يُذكِّر بأن أحد أهداف ترامب خلال رئاسته الأولى (2017- 2021) كان إحلال السلام بين العرب وإسرائيل، واستطاع تنفيذ عدة خطوات في هذا الاتجاه.
ووفق الأسدي، فإنه "لا شك أن ترامب في حال انتخابه سيواصل جديا عملية السلام، وهو الأمر الذي لا يريده النظام الإيراني، كما أن طهران تعلم أن معارضة خطة السلام ستؤدي إلى رد فعل قوية من ترامب، وجربت ذلك بالفعل في اغتيال قاسم سليماني".
واغتالت غارة أميركية قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني خلال تواجده في بغداد عام 2020، وهو المسؤول عن تأسيس أو تدريب وتسليح مليشيات تابعة لإيران ومتحالفة معها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها.
كما يلفت الدبلوماسي السابق إلى أن "النظام الإيراني يعلم أن ترامب سيذهب بشكل حاسم إلى مرحلة الهجوم العسكري على إيران، وهذا بالضبط ما تخشاه بشدة ولا ترغب فيه أبدا".
أما بشأن اتهام ترامب لطهران باختراق حملته، فيقول الأسدي إن "طهران غير قادرة على التأثير على انتخابات الولايات المتحدة بأي شكل، يمكنها فقط أن تقوم بإجراءات صغيرة مثل القرصنة، لكنها لا تلعب دورا مهما في الانتخابات".
"أكبر المخاوف"
من جهته، يلفت الباحث في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمن، إلى مصدر قلق كبير آخر داخل إيران من فوز ترامب، ويصفه بـ"أكبر المخاوف"، وهو مستقبل اقتصادها.
ويضيف موضحا أن "الاقتصاد الإيراني ريعي، يعتمد على البترول والبتروكيماويات بشكل أساسي، وفي فترة إدارة جو بايدن، فإنه رغم العقوبات المفروضة عليها، إلا أن واشنطن تغاضت عن الالتفاف الإيراني على هذه العقوبات، مثل تهريب النفط؛ خاصة وأنها لا تريد الضغط لا على طهران ولا على الاقتصاد العالمي، إذا ما زادت أسعار البترول".
أما في حال عودة ترامب "فبالطبع سيستهدف هذا المجال الحيوي للاقتصاد الإيراني، ولن يسمح لطهران بعملية الالتفاف هذه".
وعن إمكانية التأثير على نتيجة الانتخابات الأميركية، فإن لعبد الرحمن رأيا آخر، وهو "أنه بكل تأكيد هناك 4 دول ستؤثر على هذه الانتخابات بشكل أساسي، منها دول ستعمل لمصلحة خسارته وفوز الحزب الديمقراطي، كالصين وإيران، ومنها من ستعمل لأجل فوز الحزب الجمهوري، كروسيا وكوريا الشمالية، وإيران ستستخدم كل المنصات واللوبيات داخل الولايات المتحدة، وعبر الاختراقات الإلكترونية لمنع عودة ترامب".
إيران بين عهدين
وتوصف العلاقات بين واشنطن وطهران في فترة حكم ترامب بأنها كانت "في غاية السوء"؛ حيث انسحبت واشنطن عام 2018 من الاتفاق النووي الموقع بين طهران والقوى الكبرى الست، منها الولايات المتحدة، والذي كان يخفف العقوبات عن طهران.
كما فرض ترامب عقوبات جديدة على طهران، منها عقوبات قبل أيام قليلة من مغادرته البيت الأبيض في يناير 2021، طالت شركات إيرانية وشركات أجنبية متعاونة معها في مجال الشحن، واغتالت القوات الأميركية قاسم سليماني، أحد أشهر وأقوى القادة الإيرانيين، وشجَّع تشكيل تحالفات سياسية في الشرق الأوسط ضد إيران.
أما الإدارة الحالية التي يقودها الرئيس الأميركي جو بايدن فيبدو أنها تتسم بالمرونة مع طهران.