انتهى الحلم بأن أصبح حقيقة، ونجح القائمون على حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس على نهر السين في إبهار العالم بسيل من المشاهد التي لا تُنسى وسط تحديات أمنية معقدة لا تزال تحيط بهذا الحدث العالمي.
وبعد شهور من الانتظار والترقب، انطلقت مساء الجمعة دورة الألعاب الأولمبية التي ستستمر حتى 11 أغسطس في مدينة الأنوار، لتجذب أنظار ملايين المشاهدين إلى المنافسات الرياضية، وسط مخاوف أمنية لا تزال حاضرة.
تحديات أمنية حاضرة
وتولي فرنسا مسألتي الأمن والسلامة أولوية قصوى، حيث قال وزير الداخلية، جيرالد دارمانان خلال مؤتمر صحفي عقد قبل وقت قصير من حفل الافتتاح إنه "في هذه الأوقات المضطربة بالحروب والهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، لا يمكن ترك أي شيء للصدفة أو الارتجال".
ويؤيد مدير معهد الأمن والاستشراق الأوروبي، إيمانويل ديبوي في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" ما قاله وزير الداخلية الفرنسي، ويوضح قائلا إن "الألعاب الأولمبية حدث ضخم يمتد على مدى أربعة أسابيع. وبالتالي، هذا يولد بالضرورة تحديات أمنية من عدة أنواع".
ووفق ديبوي فإن هذه التحديات تشمل "الهجمات السيبرانية التي تتفاقم في مواجهة الوضع الجيوسياسي العالمي الحالي، ما يشكل خطرا كبيرا على المنظّمين. إذ ستسعى بعض الدول كروسيا مثلا لإظهار فشل فرنسا في تنظيم هذا الحدث الرياضي، لأنه من ناحية، منع الرياضيين الروس من المنافسة تحت الراية الروسية، ومن ناحية أخرى، دعم فرنسا لأوكرانيا على نطاق واسع للغاية".
وقبل ساعات قليلة من حفل افتتاح الألعاب الأولمبية، أعلنت الشركة الوطنية للسكك الحديدية أنها تعرضت، ليلة الخميس إلى الجمعة الماضية، إلى "هجوم واسع النطاق لشلّ" شبكتها للمسافات الطويلة.
وتشير تقديرات مدير التكنولوجيا في باريس إلى أن عدد الهجمات الإلكترونية خلال دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية 2024 أعلى بثمانية إلى عشرة أضعاف من عدد الهجمات في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو.
ولا يستثني ديبوي أيضا التهديدات الإرهابية عبر هجمات منظمة أو بواسطة طائرات بدون طيار، مضيفا أن مثل هذا الأمر "يتعلق بجميع المدن وفي الأماكن التي ستقام فيها أحداث أولمبية. مما يتطلب تعبئة أمنية كبيرة".
كذلك يبيّن ديبوي أن بعض الجهات تأمل بالاستفادة من الانقسامات التي سببتها الحرب في غزة لإحداث اضطرابات في النظام العام، مشيرا إلى أن "اضطرابات الحرب في غزة يمكن أن تدفع بعض الأشخاص لمهاجمة الوفد الأولمبي الفلسطيني أو الإسرائيلي، لهذا يخضع الوفدان بشكل خاص لحراسة أمنية مشددة".
ويذكّر مدير معهد الأمن والاستشراق الأوروبي أيضا بالتهديدات المطروحة من "الحركات المتطرفة" سواء كانت من أقصى اليسار أو من أقصى اليمين التي ستسعى مثلا إلى نقل المشاكل السياسية الحالية في فرنسا إلى المشاهدين حول العالم.
وفي ذات السياق، نشر الوزير دارمانان في 13 يوليو على منصة "أكس"، أنه تم إبعاد أكثر من 3500 شخص عن الألعاب الأولمبية لأنهم يشكلون تهديدا محتملا لأمن الحدث، وذلك بسبب التطرف الإرهابي أو القرب من الدوائر اليسارية المتطرفة واليمين المتطرف، حسب قوله.
جهود لتأمين الحدث
لتأمين العاصمة باريس التي تستقبل 10500 رياضيا أولمبيا و4350 رياضيا بارالمبيا من 205 دولة، و6000 صحفي، و40000 متطوع، عبأت فرنسا 45 ألفا من ضباط الشرطة والدرك خلال الأسبوعين اللذين ستستمر فيهما الألعاب الأولمبية، إلى جانب تعزيزات من ضباط الشرطة الأجانب الذين بلغ عددهم 1800 شخص.
كما يتوجب على الباريسيين والسياح على حد سواء الالتزام بقواعد أمنية صارمة مثل استخدام رمز الاستجابة السريعة والذي سيعمل على تيسير الوصول لمناطق الفعاليات، وتنظيم حركة الحشود، وتعزيز التدابير الأمنية.
وتم إغلاق حوالي خمس عشرة محطة مترو، وسيكون الوصول إلى الأماكن السياحية متاحا، ولكن من خلال مداخل غير مداخل المترو.
وتم قطع حركة المرور أيضا قبل أسبوع من الافتتاح في مناطق معينة بالعاصمة باريس.