في تطور هام في شمال مالي، تصدت الحركات الأزوادية المسلحة لهجوم شنّه الجيش المالي بدعم من مجموعة المرتزقة الروس "فاغنر" على مدينة تنزاواتن الواقعة على الحدود مع الجزائر.
ويمثل الهجوم محاولة للجيش المالي للسيطرة على هذه المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية في إقليم الأزواد.
تفاصيل الهجوم
وفقاً لمصادر محلية، فإن الحركات الأزوادية المنضوية تحت إطار "الاستراتيجي للدفاع عن الشعب الأزوادي" قد تصدت للهجوم حتى اللحظة.
مدينة تنزاواتن، التي تعد موقعاً استراتيجياً مهماً، شهدت اشتباكات عنيفة بين القوات المالية، والحركات الأزوادية. هذه المعارك تأتي في وقت حساس بعد سقوط مدينة كيدال، أكبر معاقل الأزواد، في نوفمبر من العام الماضي.
العمليات العسكرية
بدأت العمليات العسكرية في المنطقة بقيادة العباس أغ إنتالا، أحد أبرز زعماء الطوارق في كيدال. تستهدف هذه العمليات المنطقة القريبة من الحدود المالية الجزائرية، في محاولة للضغط على الحركات الأزوادية ومنعها من تعزيز مواقعها. الجيش المالي حاول أيضاً السيطرة على مدينة "إنافارق"، التي تقع على بعد 10 كيلومترات من الحدود الجزائرية، وتعتبر نقطة تقاطع مهمة لطرق التجارة.
الوضع الحالي
تجري الاشتباكات منذ صباح الخميس، حيث دارت المعارك في محيط مدينة تنزاواتن، وقد نجح الإطار التنسيقي للأزواد في صد الهجوم حتى الآن. لم يتم تدخل الطيران العسكري في هذه المرحلة من القتال، وما زالت الاشتباكات مستمرة بين الطرفين، مع تبادل الهجمات والتكتيكات.
الهدف
العملية العسكرية التي ينفذها الجيش المالي على تنزاواتن وإنافارق تعكس أهدافاً متعددة الأبعاد تتجاوز البعد العسكري البحت. السيطرة على الموارد الطبيعية، ومنع تدفق النازحين، والتحكم في الحدود الاستراتيجية هي جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق أهداف طويلة الأمد في المنطقة.
ويقول ممثل تنسيقية الحركات الوطنية الأزوادية، سيد بن بيلا الفردي، إن الهجوم الذي شنه الجيش المالي على مدينة تنزاواتن وإنافارق لا يهدف فقط إلى السيطرة العسكرية، بل يسعى لتحقيق عدة أهداف استراتيجية متداخلة.
الهجوم يهدف إلى السيطرة على المناطق التي تشهد تجمعات كبيرة من النازحين الفارين من مناطقهم الأصلية، مثل غاوه ومنكا وكيدال. هؤلاء الفارون هربوا من ممارسات تنظيم داعش، وجرائم المرتزقة الروس، وممارسات الجيش المالي العنصرية. السيطرة على هذه المناطق يمكن أن تعيق تدفق هؤلاء النازحين إلى مناطق أكثر أماناً.
تنزاواتن وإنافارق تحتويان على بعض من أهم مناطق استخراج الذهب في شمال مالي، السيطرة على هذه المناطق تعتبر ذات أهمية اقتصادية كبيرة.
الأوضاع في شمال مالي تظل متوترة، والقتال بين الجيش المالي والحركات الأزوادية يبدو أنه سيستمر في الأسابيع المقبلة، والهجوم قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في المنطقة، حيث يمكن أن يزداد عدد النازحين ويواجه السكان المدنيون مخاطر إضافية.
ويقول الباحث في الشؤون الإفريقية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، إن الجيش المالي يستهدف السيطرة على المنطقة التي تفصل بين مالي والجزائر بهدف فرض السيطرة الكاملة على الحدود، وهي المنطقة الخارج عن سيطرة باماكو منذ نحو 12 عاما.
السيطرة على السيطرة على مدينة تنزاواتن وإنافارق يتيح للجيش المالي قطع الطريق أمام الفارين وضمان السيطرة الكاملة على الحركة عبر هذه النقاط الاستراتيجية وسيكون لهما تأثير كبير على الوضع الاستراتيجي في المنطقة.
السيطرة على الحدود مع الجزائر تمنح الجيش المالي مزيداً من النفوذ الاستراتيجي وتتيح لهم التحكم بشكل أفضل في الوضع الأمني في المنطقة وتضيق الخناق على الحركات الازوادية في ظل سطرته على الحدود مع موريتانيا، وكذلك قطع جزء من تمويل الحركات الازوادية عبر التجارة العابرة لحدود.