يبدو أن عصر "حرب المسيرات" أو الطائرات من دون طيار، أخذت تعطل "صناعة الدفاع"، كما كشفت حربا "ناغورني كاراباخ" و"أوكرانيا"، ولكنها أكثر وضوحا في الحرب الدائرة في أوكرانيا، حيث كشف تقرير للفايننشال تايمز أن بعد اندلعت الحرب، ارتفع عدد الشركات المصنعة للطائرات المسيرة في أوكرانيا من 6 إلى أكثر من 200.
ووفقا للصحيفة البريطانية، فإن الانتشار السريع للتكنولوجيا الجديدة القوية في ساحة المعركة يؤدي إلى قلب التسلسل الهرمي لصناعة الدفاع العالمية، التي يهيمن عليها كبار المقاولين منذ فترة طويلة.
وتضيف أن استخدام الطائرات المسيرة في العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا تصاعد بسرعة في العامين الماضيين.
وتقول الصحيفة إن تطوير برامج الأسلحة التقليدية يستغرق سنوات، وأحيانًا عقودًا، ويتطلب ميزانيات حكومية كبيرة، فضلاً عن مراكز بحث واختبار كبيرة، في حين أن تطوير وصناعة المسيرات لا يحتاج إلى الكثير من الأموال ولا إلى عمالة كبيرة، وبالطبع لا يتطلب مصانع شاسعة، كما هو الحال مع صناعة الدفاع التقليدية.
وفي تقريرها، نقلت الفايننشال تايمز واقعا لورشة سرية لتصنيع الطائرات المسيرة على مشارف بلدة على خط المواجهة في شرق أوكرانيا.
وفي الورشة، يعمل الجنديان بوغدان وفلاد بجد على صنع طائرات مسيرة قاتلة، حيث تحتوي الورشة الصغيرة على طابعة ثلاثية الأبعاد لتصنيع المكونات اللازمة لتحويل التكنولوجيا المصممة للمتعة أو التصوير الجوي إلى سلاح فتاك.
وأصبحت ورشة العمل الخاصة بهما مجرد جزء مما أصبح أحد أهم الصناعات في أوكرانيا.
وتقول الصحيفة إن الحرب في أوكرانيا نقلت حرب المسيرات إلى آفاق جديدة، حيث ساعدن المسيرات الأوكرانية الهجومية FPV الرخيصة والفعالة في سد بعض النقص في قذائف المدفعية الذي عانى منه الجيش الأوكراني خلال العام الماضي.
وتقول كييف إنها انتقلت من 6 شركات فقط لصناعة المسيرات، قبل الحرب، إلى أكثر من 200 شركة قادرة على إنتاج مليون طائرة مسيرة سنويًا.
يقول لورينز ماير، الذي تعمل شركته "أوتيريون" ومقرها الولايات المتحدة، على تطوير برمجيات لتشغيل أسراب من الطائرات المسيرة الأوكرانية الصنع ذاتية التحكم والتي يمكنها التواصل مع بعضها البعض: "في كييف، كل شخص يحتاج إلى رؤيته - من صانع الهوائيات إلى المبرمج أو المسؤول الدفاعي – يبدأ العمل قبل نحو 20 دقيقة من أي شخص آخر.. إن الدورة الزمنية لتطوير ونشر التقنيات الجديدة قليلة جدا وسريعة للغاية".
وبحسب الصحيفة، يعمل هذا الانتشار السريع لتكنولوجيا جديدة قوية في ساحة المعركة على زعزعة التسلسل الهرمي الراسخ لصناعة الدفاع في العالم، حيث هيمن كبار المقاولين لفترة طويلة.
وتوضح الصحيفة أن برامج الأسلحة التقليدية تستغرق سنوات، وأحيانًا عقودًا، لتطويرها والاعتماد على ميزانيات حكومية كبيرة بالإضافة إلى مرافق بحث واختبار كبيرة. وعلى النقيض من ذلك، فإن الطائرات بدون طيار رخيصة الثمن وفتاكة وسريعة الصنع، مما يساعد على تحقيق تكافؤ الفرص بين اللاعبين الأصغر وعمالقة الصناعة الراسخة.
يقول مايكل جوهانسون، الرئيس التنفيذي لشركة "ساب" الدفاعية السويدية، إن أوكرانيا تظهر أن "الوقت اللازم للتسويق والتنمية الأكثر مرونة أمران مهمان.. فبدلاً من تطوير منتج مثالي قد يستغرق سنوات عديدة، من المهم بناء منتجات سريعة يمكن اختبارها وتعديلها واختبارها مرة أخرى. السرعة أمر بالغ الأهمية."
وتخلص الصحيفة إلى أنه ليست الصناعة فقط هي التي تحتاج إلى التغيير. سيتعين على إدارات الدفاع الحكومية تغيير طريقة شرائها للأسلحة لمواكبة دورات التطوير الأسرع بكثير للأسلحة المحددة برمجيًا والأنظمة المستقلة التي يقودها الذكاء الاصطناعي. بداية، سيتعين على المسؤولين النظر خارج مجموعتهم المعتادة من الموردين لإشراك الشركات الصغيرة، التي يأتي الكثير منها من خلفية تكنولوجية.
لقد تم بالفعل تعلم الدرس.. "إذا علمتنا أوكرانيا أي شيء، فهو ذلك".. وقال الجنرال السير جيمس هوكنهول، رئيس القيادة الاستراتيجية البريطانية، أمام جمهور من المسؤولين العسكريين والمديرين التنفيذيين في الصناعة في لندن هذا العام: "نحن بحاجة إلى التحرك بشكل أسرع".
وبالنسبة للحكومات فإن النتيجة النهائية قد تكون الكأس المقدسة لمخططي الدفاع: ثورة حقيقية في الشؤون العسكرية.