وسط تقارير تتحدث عن موافقة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسماح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي، باستخدام الأسلحة الأميركية، ترجح تقديرات أن تدفع الخطوة إلى مزيد من التعقيد في الصراع بين موسكو والغرب، في حين ستصل تلك التداعيات إلى منافسه اللدود في الانتخابات الرئاسية دونالد ترامب الذي تُقربه المؤشرات الراهنة من العودة للبيت الأبيض مجددًا.
وبحسب موقع بوليتيكو، فقد منحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "سرا" أوكرانيا، الإذن بضرب الداخل الروسي باستخدام الأسلحة الأميركية، في تطور جديد في النزاع الروسي الأوكراني.
وبحسب التقرير، رضخت الحكومة الأميركية للضغوط الأوكرانية، وأعطت "الضوء الأخضر" للجيش الأوكراني، لاستخدام الأسلحة الأميركية لقصف مناطق داخل روسيا، بالقرب من منطقة خاركيف فقط، حسبما قال مسؤول أميركي وشخصان آخران مطلعان.
ووفقا لموقع بوليتيكو، ستساعد هذه الخطوة أوكرانيا في قتالها المحتدم بمنطقة خاركيف، ثاني أكبر مدن البلاد.
ويعتقد مراقبون ومختصون في الشؤون الأمريكية، في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن بايدن قد يؤجج الموقف مع روسيا التي ربما تُصعد من ردها بما يشمل "الأسلحة النووية التكتيكية"، بما يعني إنهاء أي تطلعات حالية للتوصل إلى صيغة سلام بين كييف وموسكو، كما يقطع بذلك الطريق على ترامب لتنفيذ "خطته الخاصة للسلام" ويعقد ملف السياسة الخارجية للولايات المتحدة في ولايته حال فوزه بالرئاسة.
خلفية الأحداث
• ظلت الولايات المتحدة غير متأثرة بضغوط الحلفاء الغربيين، الذين شجعوا على فكرة استخدام الأسلحة الأوكرانية في الداخل الروسي، خاصة أنه خلال معظم فترات الحرب، رسم الحلفاء "خطا أحمر ثابتا" بشأن استخدام أوكرانيا الأسلحة التي يزودونها بها داخل الأراضي الروسية، خوفا من تصعيد الكرملين الذي قد يحول الصراع إلى حرب عالمية ثالثة.
• ومع ذلك، ضغطت فرنسا وبريطانيا وعدد من أعضاء حلف شمال الأطلسي أيضا لدفع أوكرانيا لاستخدام الأسلحة الغربية لضرب أهداف بالعمق الروسي.
موافقة بايدن بحسب التقارير، جاءت بعد إشارات عدة من مسؤولين أميركيين بأن واشنطن تتعامل بمرونة وفق ما يقتضيه الوضع، ومطالبات من مشرعين باتخاذ الخطوة التي ربما تغير سير الحرب.
موقف ترامب
• في مارس الماضي، قال ترامب، إنه يمكنه وقف الحرب في أوكرانيا خلال يوم واحد إذا ما أعيد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، عبر "منع الحرب العالمية الثالثة بسهولة بالغة".
• ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، فإن ترامب قال "سرا" إنه يمكن أن ينهي الحرب من خلال الضغط على كييف للتخلي عن بعض الأراضي التي سيطرت عليها روسيا بعد عمليتها العسكرية التي بدأت في فبراير 2022.
• وأظهر آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز، تقدم ترامب بنحو 48 بالمئة عن بايدن الذي حصل على 43 بالمئة.
• كما ذكر موقع "بوليتيكو"، أن هناك مؤشرات متزايدة تظهر ترامب، على الرئيس الحالي ما يثير حالة من "الذعر" وسط الدمقراطيين.
إشعال الأرض تحت ترامب
ويعتقد الأكاديمي والمحلل السياسي المهتم بالشؤون الأميركية سعيد صادق، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن السماح باستخدام أسلحة أمريكية تصل للعمق الروسي ستؤدي لمشاكل جمّة لروسيا التي "لن تصمت وسيكون ردها عنيفا".
واعتبر صادق أن موافقة بايدن هي "محاولة منه لزيادة شعبيته على وقع مشاكله الداخلية الراهنة، لكنه بذلك يقطع الطريف على منافسه ترامب الذي يضع إنهاء هذا الصراع على رأس أولوياته خاصة في ظل خلافه مع الناتو".
وكان ترامب هدد في حال فوزه بولاية جديدة بعدم الدفاع عن دول الحلف الأطلسي التي لا تخصص حصة كافية من ميزانيتها للدفاع، مشيرا حتى إلى أنه سوف "يشجع" روسيا على مهاجمتها.
وأشار "صادق" إلى أن "بايدن قد يندفع وراء تلك الضغوط في هذه الفترة الصعبة بخلق رأي عام داعم لمواجهة روسيا وبالتالي حشد مزيد الأصوات خلفه، لكن الأمر قد يكون له نتائج عكسية تصب في صالح ترامب، لكنه حينها سيجد نفسه في أزمة مع روسيا ذاتها".
ووصف تداعيات استخدام الأسلحة الأمريكية لمهاجمة أهداف داخلية لروسيا بـ"الخطيرة"، إذ "قد ترد موسكو بضربة نووية تكتيكية وهذا أمر لا يتحمله العالم في خضم مثل التحديات الراهنة ".
وخلال الشهر الجاري، أعلنت روسيا، بدء تدريبات لزيادة جاهزية أسلحتها النووية التكتيكية في الأجزاء المتاخمة لأوكرانيا ما جعل هذه التدريبات تبدو وكأنها تهديد جديد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومع ذلك، شدد المحلل السياسي المختص بالشؤون الأمريكية أن "ترامب يرغب بالفعل في إنهاء الحرب، وتتفق رؤيته مع بوتين بشأن إمكانية السماح بترك الأراضي التي سيطرت عليها موسكو من أوكرانيا مقابل السلام"، موضحا أن "ترامب لا يشغله أوكرانيا بالأساس".
هل يعترض على تلك الخطوة؟
بيد أن مدير مركز التحليل العسكري والسياسي في معهد هدسون، ريتشارد وايتز، قال في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن ترامب قد لا يعترض في الأساس على مهاجمة أوكرانيا لروسيا باستخدام الأسلحة الأمريكية، باعتبار أن "هذا من شأنه أن يمنحه المزيد من النفوذ".
وقال وايتز إنه "كلما زاد الضغط الذي تتعرض له روسيا، مثل مهاجمة أراضيها بالأسلحة الأمريكية، ربما سيشجع ذلك الروس على تقديم المزيد من التنازلات إذا أصبح ترامب رئيسًا".
وعن تعارض ذلك مع خطة ترامب للسلام، أضاف وايتز أنه "من الصعب معرفة ذلك لأننا لا نعرف بالضبط ما يخطط لفعله".
ورجح أن تكون تداعيات استخدام الأسلحة الأمريكية في الهجوم على روسيا "محدودة"، متابعًا: "لا أتوقع أن تتفاعل موسكو بحدة شديدة إذا سمحت الولايات المتحدة باستخدام بعض أسلحتها في المناطق الحدودية، ويبدو أن هذا الاتجاه سيحدث على أي حال".