تبدأ في إيران، الخميس، عملية التسجيل للمرشحين لمنصب رئيس الجمهورية خلفا لإبراهيم رئيسي الذي توفي في حادثة سقوط طائرة مروحية في 19 مايو جنوب غرب إيران.
ويقول المراقبون إن أربعة أشخاص يتنافسون على المنصب كمرشحين محتملين من بينهم الرئيس المؤقت محمد مخبر، والرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، والعضو السابق في الحرس الثوري برويز فتاح، وسعيد جليلي كبير المفاوضين في برنامج إيران النووي.
وأعلنت السلطات الإيرانية هذا الأسبوع إجراء انتخابات رئاسية لاختيار رئيس يحل محل رئيسي الذي قد تؤدي وفاته إلى تعقيد الجهود التي تبذلها السلطات لإدارة مهمة لها عواقب أشد، هي المهمة الخاصة باختيار خليفة للمرشد الإيراني.
وأثارت الوفاة المفاجئة لرئيسي، الذي كان يُنظر إليه ذات يوم باعتباره خليفة محتملا لعلي خامنئي صاحب القرار النهائي في إيران، سباقا محتدما بين المتشددين للتأثير على اختيار الزعيم الإيراني القادم.
ويقول محللون ومصادر إن خامنئي (85 عاما) يسعى إلى الحصول على رئيس شديد الولاء في انتخابات 28 يونيو لإدارة شؤون البلاد ويكون حليفا موضع ثقة لتحقيق الاستقرار وسط مناورات حول خلافة الزعيم الأعلى.
وقال سعيد ليلاز المحلل المقيم في طهران "من المرجح أن يكون الرئيس المقبل متشددا مواليا بلا هوادة لخامنئي وله خلفية في الحرس الثوري. شخص بخلفية لا تشوبها شائبة وخالية من التنافسات السياسية".
وبدء تسجيل المرشحين اليوم الخميس، هي بداية لعملية ستشهد فحص مجلس صيانة الدستور للمرشحين. والمجلس هيئة رقابية متشددة تستبعد المرشحين دون الإعلان عن السبب دائما.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على تفكير المستوى الأعلى للمؤسسة الحاكمة في إيران إنه كانت هناك مناقشات بين القيادة حول مزايا مختلف طرق التعامل مع المنافسة الرئاسية.
وقال أحد هذه المصادر، رافضا مثل آخرين كشف هويته بسبب حساسية الموضوع، "النتيجة السائدة هي أن (الهدف) الأساسي يجب أن يكون الوصول إلى انتخاب رئيس شديد الولاء للزعيم الإيراني ومبادئه. وسيضمن انخفاض معدل إقبال الناخبين ذلك حتما".
لكن هدف فوز رئيس متشدد قادر على تحقيق انتقال سلس في قمة السلطة، حين يموت خامنئي في نهاية المطاف، يمثل معضلة لرجال الدين الحاكمين الذين يديرون التصويت الشهر المقبل.
ويقول المحللون والمصادر المطلعة إنه لضمان أن يكون الفائز من أشد الموالين لخامنئي، من المرجح أن يهيمن على الانتخابات المقبلة متشددون لديهم وجهات نظر مماثلة لرؤيته.
خيارات محدودة أمام الناخبين
من المرجح أن يضعف تقييد الاختيار في الانتخابات اهتمام الناخبين ويبقي نسبة المشاركة منخفضة، الأمر الذي يوجه ضربة غير مرحب بها لهيبة الجمهورية الإيرانية التي تأسست قبل نحو 45 عاما.
وهذا المأزق مألوف في إيران. ففي سباق يخضع فيه المتنافسون لفحص دقيق عادة ما يكون التحدي الذي تواجهه المؤسسة الدينية هو تحقيق نسبة إقبال مرتفعة.
وينشر مجلس صيانة الدستور قائمة المرشحين المؤهلين لخوص الانتخابات في 11 يونيو.
وانتزع رئيسي الفوز في عام 2021 بعد نسبة إقبال بلغت نحو 49 بالمئة، في انخفاض كبير عن 70 بالمئة شهدتها انتخابات 2017 و76 بالمئة شهدتها انتخابات 2013، في غمرة لامبالاة واسعة النطاق من الناخبين بعد أن تخلص مجلس صيانة الدستور من المنافسين المحافظين والمعتدلين البارزين.
ويقول منتقدون إن ضعف الإقبال ناتج عن السخط من المصاعب الاقتصادية والقيود الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى احتجاجات لأشهر أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني في حجز شرطة الأخلاق عام 2022.
ويقول بعض المحللين إن إدراج مرشحين معتدلين بمستوى منخفض على بطاقة الاقتراع قد يكون وسيلة لجذب نسبة إقبال أكبر.
ولا يزال الإصلاحيون، الذين تم تهميشهم حاليا بعيدا عن السلطة، مخلصين للحكم الديني في إيران لكنهم يطالبون بتحسين العلاقات مع الغرب والمضي قدما تدريجيا في تعزيز حرية التعبير وتخفيف القواعد الصارمة للزي الإسلامي.
وقال المسؤول الإصلاحي الكبير السابق، محمد علي أبطحي، إن المعسكر المؤيد للإصلاح سيخوض الانتخابات إذا سُمح لمرشحه بذلك، لكنه أضاف أنه ليس من الواضح حجم المساحة السياسية التي سيُسمح بها للإصلاحيين.
وأضاف "هذه الدورة من الإقبال المنخفض على التصويت التي ضمنت فوز المتشددين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة، يمكن تغييرها... لكن تساورني شكوك إزاء أي انفتاح سياسي محتمل".
مرشحون محتملون
مع ذلك ما زالت القوة الانتخابية للإصلاحيين غير واضحة، إذ يعتقد بعض الناخبين أنهم فشلوا في تحقيق قدر أكبر من الحريات في الفترات التي كانوا فيها في السلطة العقد الماضي.
وكشفت احتجاجات 2022 عن اتساع الفجوة بين الإصلاحيين والمحتجين المطالبين "بتغيير النظام".
وقال جريجوري برو، المحلل في مجموعة أوراسيا، "حتى السماح لعدد قليل من المعتدلين المعروفين بالترشح... قد لا يكفي لدفع الناس للمشاركة. لطالما وقع الناخبون في خداع فكرة أن المرشحين ذوي العقلية الإصلاحية... سيُحدثون تغييرا حقيقيا".
ولن يُدخل الرئيس الجديد على الأرجح أي تغيير في سياسة إيران النووية أو الخارجية، فكلاهما تحت سيطرة الزعيم الإيراني.
وقالت مصادر مطلعة إن المرشحين قد يكون من بينهم برويز فتّاح، العضو السابق في الحرس الثوري والذي يرأس صندوق استثمار مرتبط بالزعيم، وسعيد جليلي، كبير المفاوضين النوويين السابق الذي أدار في عام 2001 مكتب خامنئي لمدة أربع سنوات.
وقال مصدر مطلع ثالث إن فتّاح سيتخذ قراره النهائي "بعد اجتماعه مع بعض المسؤولين الكبار الأربعاء".
ورددت وسائل إعلام إيرانية أيضا اسمي الرئيس المؤقت، محمد مخبر، والرئيس السابق لمجلس الشورى (البرلمان) ومستشار خامنئي، علي لاريجاني، كمرشحين محتملين. ومُنع لاريجاني من الترشح في انتخابات الرئاسة عام 2021.