أثار الإعلان رسمياً عن مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان جراء تحطم مروحية شمال شرق البلاد، تساؤلات بشأن تداعيات الحادث وتأثيره على السياسة الخارجية لطهران دولياً وإقليمياً، في خضم الملفات المعقدة والمتشابكة التي تنخرط بها، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني، ووكلائها في الشرق الأوسط، وصراعها مع القوى الدولية كالولايات المتحدة والغرب.
ويعتقد محللون ومختصون في الشؤون الإيرانية في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن وفاة رئيسي وعبد اللهيان لن يكون لها تأثير كبير على ملفات إيران الدولية والإقليمية، باعتبار أن الصوت الحاسم في مسائل الأمن القومي يكمن في المرشد الإيراني، وقيادات الحرس الثوري، لكنهم في ذات الوقت أشاروا إلى أن قيود داخلية ستعيق خليفته، إذ لن تكون له السيطرة الكاملة على السياسات الخارجية.
وفي أعقاب الإعلان الرسمي عن وفاة رئيسي، كلَّف المرشد الإيراني علي خامنئي، محمد مخبر بتولي مهام الرئيس، كما تم تعيين علي باقري رئيسا للجنة العلاقات الخارجية (وزيرا للخارجية) في الحكومة الإيرانية خلفا لـعبد اللهيان.
"الصوت الحاسم"
من واشنطن، يرى مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز، في حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "يمكن التقليل من تأثير التحولات الرئاسية الإيرانية بعد وفاة رئيسي".
وبشأن تأثير الحادث على ملف السياسات الخارجية، أوضح فايز أن "هناك شيء واحد واضح؛ فخلال الأسابيع القليلة المقبلة، ستظل إيران ترُكز اهتمامها داخليًا حيث تختار رئيسها التاسع".
وعن مهام خليفته، قال إنه "كرئيس للسلطة التنفيذية، سيواجه خليفة رئيسي نفس القيود الهيكلية التي أعاقت أسلافه، فلن يكون الصوت الحاسم في مسائل الأمن القومي ولن تكن له السيطرة الكاملة على سياسات الحكومة وخيوط المال".
"لكن مكتب الرئيس وضع جدول الأعمال المحلي، وقرر التعيينات الرئيسية، وحدد النغمة التي تتحدث بها الجمهورية الإيرانية إلى العالم"، وفق مدير شؤون إيران بمجموعة الأزمات الدولية.
إقليمياً، وبعد تهديدات مباشرة بين إيران وإسرائيل، أشار فايز إلى أن التوترات الإقليمية بين إيران وشركائها في "محور المقاومة" من ناحية، والولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاؤهما من ناحية أخرى، لا تزال كبيرة.
وأضاف: "لم يؤد التعامل المحفوف بالمخاطر الشهر الماضي بين إيران وإسرائيل إلى حرب شاملة، لكن عدم اليقين السياسي الداخلي في إيران يضيف الغموض الموجود الآن بين إيران وإسرائيل نظرًا لأنهما لم يعودا يلتزمان بالقواعد القديمة للاشتباك، المتمثلة في الضربات السرية من جانب إسرائيل والرد غير مباشر من خلال الشركاء الإقليميين الإيرانيين، لكن رغم ذلك فالقواعد الجديدة للاشتباك لم تعد سارية المفعول حالياً".
وتصاعد الحديث عن دور إيران وحلفائها في المنطقة بالتزامن مع تصاعد الحرب في غزة، في الوقت الذي أثارت الضربات المتبادلة بين طهران وإسرائيل خلال الشهر الماضي، مخاوف من اتساع رقعة الصراع وخروجه عن السيطرة، قبل أن تهدأ الأوضاع خلال الأيام الأخيرة.
وشدد فايز على أن "المرشد والحرس الثوري الإيراني سيستمران في السيطرة على القرارات الاستراتيجية المتعلقة بالسياسة الخارجية".
ناقلو الرسائل
ومن لندن، رجح الباحث المتخصص في الشأن الإيراني وقضايا الشرق الأوسط، وجدان عبد الرحمن، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، ألا تتأثر السياسات الإقليمية لإيران بشكل كبير، مشددًا على أن "الحرس الثوري الإيراني ستظل له هيمنة وسيطرة كبيرة على هذا الملف، وبالتالي ستكون تلك السياسات كما هي ولن تتغير".
وينطبق ذلك أيضًا على السياسة الدولية الإيرانية وفق عبدالرحمن، التي لن تتأثر كثيرًا؛ باعتبار أن من يخلف وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان سيكون من هذا التيار.
وعن التأثير بالملف النووي الإيراني، اعتبر الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أن منصب وزير الخارجية كان بمثابة "ناقل للرسائل وليس مقررًا للسياسات"، إذ يرتبط هذا الملف بشدة بوجهة نظر المرشد مباشرة.
"في كل الأحوال فالمرشد هو من يرسم السياسة الداخلية والخارجية، وكيفية تنسيق العلاقات مع الدول الأجنبية"، بحسب الباحث المتخصص في الشأن الإيراني.
ويُنظر لـعبد اللهيان، المقرب من الحرس الثوري، باعتباره رجل الدبلوماسية في البلاد الذي واجه الغرب، وقاد محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة حول برنامج إيران النووي.
وفي ذات الوقت، اعتبر موقع وزارة الخارجية الإيراني، أن باقري لعب دورًا محوريًا في المفاوضات النووية بين إيران والغرب خلال العامين الماضيين.
وأضاف عبد الرحمن: "لا أعتقد أننا سنشهد تغييرات كبيرة خارجية بعد مقتل رئيسي، لكن الأمر سيكون له تأثير على الداخل الإيراني وقد يزيد من الخلافات بين الأصوليين أنفسهم".