من جديد، عادت حركة الشباب الإرهابية لتسديد ضربات في العاصمة الصومالية مقديشو، بعد تراجع وجود الجيش في مناطق سبق أن حررها من أيدي الحركة، وهو ما أرجعه خبراء إلى عدم دفع الرواتب، والرشوة، واختراق المؤسسات بمؤيدين للإرهابيين.
ويسرد محللون سياسيون صوماليون لموقع "سكاي نيوز عربية"، بعض مؤشرات هذا "الاختراق"، بناء على ما جرى في التحقيقات الخاصة بهذا الهجوم، أو ما تتداوله التقارير الإعلامية المحلية، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لكشف المتورطين.
وأدى هجوم شنّته حركة الشباب الإرهابية، الخميس، على فندق "إس واي إل"، الواقع في أحد المداخل الرئيسية للقصر الرئاسي، إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة 27 آخرين.
والجمعة، أعلنت الشرطة الوطنية مقتل منفذي الهجوم في عملية شاركت معها فيها قوات الحرس الرئاسي، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية "صونا".
اختراق للمنظومة الأمنية
وفق المحلل السياسي الصومالي، عبد الفتاح موسى، فإن الهجوم الأخير هو ثاني أكبر هجوم على فندق في مقديشو منذ تولي الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، منصبه في يونيو 2022، ويأتي بعد نجاح الجيش في طرد حركة الشباب من عدة مناطق كانت تسيطر عليها.
أما كيف استطاعت الحركة العودة وتسديد ضربات في العاصمة، وقرب القصر الرئاسي، فيقول موسى:
- إن قوة حركة الشباب تتمثل في اختراقها لمنظومة الأمن والجيش بشكل عام.
- الفندق يقع في المحيط الأمني لفيلا الصومال (مجمع يضم القصر الرئاسي ومكاتب رئيس الوزراء)، ومن المستحيل الوصول إليه سيرا على الأقدام دون إظهار بطاقات هوية أصليةK لذلك فالهجوم كان "عملا داخليا" حسبما كشفت نتائج التحقيق الأولية واعتقال العديد من كبار ضباط الأمن للاشتباه في "تسهيل هذا العمل الإرهابي".
- ليبان محمد محمود الذي وجدت بطاقته في مسرح الهجوم، كان موظفا في البرلمان، وهو من سهّل مرور الإرهابيين نحو الفندق، وتقول عدة مصادر في مقديشو إن مهاجمي الفندق كانوا يستخدمون بطاقات الهوية الخاصة بالبرلمان، والتي يتم إصدارها للنواب وموظّفي البرلمان، ويجري التحقيق مع 3 من ضباط الأمن.
- الهجوم أكد أن حركة الشباب لديها أعضاء داخل الحكومة، يمكنهم بالفعل التسلل إلى فيلا الصومال، كما كشف عن عدم كفاية الإجراءات الأمنية على مقربة من الرئيس ورئيس الوزراء، ما يسلّط الضوء على الحاجة الملحّة لتحسين سُبل منع الهجمات المتكررة على المواقع البارزة، والتي يُزعم أنها آمنة.
- الهجوم يعد انتقاما للهزائم المتلاحقة التي منيت بها الحركة الإرهابية.
عودة الحركة لوسط الصومال
أطلقت الحكومة هجوما واسعا ضد حركة الشباب الإرهابية في صيف 2022، شاركت فيه عشائر محلية مسلحة، وتمكّن الجيش والعشائر من استعادة السيطرة على مناطق واسعة في وسط البلاد، بدعم من قوة الاتحاد الإفريقي وضربات جوية نفذتها الولايات المتحدة.
لكن حركة الشباب تمكنت من استعادة بعض ما خسرته، وأعلنت قبل أيام السيطرة على أنحاء عدة في وسط الصومال.
ففي محافظة مدق، استعادت الحركة السيطرة على لاسجاكامي وسيرغو، بينما كانت تتقدم نحو زارارديري، وأفادت تقارير بأن قوات الجيش الصومالي انسحبت من لاسجاكامي وسيرغو قبل عودة حركة الشباب إليهما.
الهجمات في رمضان
بخصوص هذا "الانسحاب"، يقول المحلل السياسي الصومالي، حسن عويس، إن الأيام الأخيرة شهدت انسحابا استراتيجيا للقوات الوطنية والمليشيات المحلية من عدة بلدات في منطقة مدق الوسطى، ما أدى إلى عودة مسلحي حركة الشباب.
كما أخلت القوات مناطق بعدوين وعاد والعمارة وحنلابي خلال الفترة من 9-14 مارس، وتشير التقارير إلى أن عوامل مثل عدم دفع الرواتب، والحاجة إلى تناوب القوات، والرشوة، والصراع السياسي الداخلي، أسهمت في عملية الانسحاب، حسب عويس.
وعن مهاجمة فندق "إس واي إل"، يلفت المحلل الصومالي إلى أن الحركة عادة ما تصعّد هجماتها خلال شهر رمضان، وأشار في ذلك أيضا إلى تسلل عناصر الحركة إلى منشآت عسكرية حيوية، منها مركز تدريب الجنرال جوردون في مقديشو.
عملية ناجحة للجيش
في إطار الجهود الحكومية لتدارك أسباب هذه الهجمات المتتالية، ذكرت وكالة أنباء الصومال، السبت، أن رئيس الوزراء، حمزة عبدي بري، زار مقر قيادتي جهاز المخابرات والشرطة الوطنية لمتابعة الموقف الأمني، وأنه وجّه الأجهزة الأمنية بـ"تعزيز أمن واستقرار البلاد، والتصدي لمؤامرات العدو الذي يسعى إلى زعزعة الأمن، وترويع المواطنين خلال شهر رمضان المبارك".
كما نقلت الوكالة أن الجيش الوطني نجح، مساء الجمعة، في تصفية قيادات بارزة وعناصر من حركة الشباب الإرهابية في عملية عسكرية شاركت فيها المقاومة الشعبية في منطقة تابعة لمدينة حررطيري، أسفرت عن مقتل نائب مسؤول الجبهات لدى الحركة في محافظتي مدغ وغلغدود، محمد إسحق أو راجي، بالإضافة إلى 5 من عناصر الميليشيات.