بين ليلة وضحاها أصبح حزب الاتحاد السّني، الذي لم يحصل على أي مقعد في الانتخابات البرلمانية الباكستانية، هو حزب الأكثرية، في واحدة من أغرب التحوّلات السياسية في البلاد، بعد انضمام 92 من نواب حزب "حركة إنصاف" إليه، والذين خاضوا الانتخابات كمستقلين.
ويُقدّم المرشّحون الفائزون المدعومون من حزب "حركة إنصاف"، الذي سبق ومنعته اللجنة العليا للانتخابات من استخدام شعاره الانتخابي، طلباتهم للانضمام إلى مجلس الاتحاد السني هذا الأسبوع للجنة التي يتعيّن الحصول على موافقتها لتشكيل الائتلاف.
وبذلك بات حزب الاتحاد السّني الصغير فجأة في دائرة الضوء بعدما تمكّن من جمع 92 مقعدا تحت مظلته، وهو ما يُبقيه على مسافة مريحة من حزب الرابطة الإسلامية - جناح نواز الذي جمع أقل من 80 مقعدا.
ومٍن مفاجآت وطرائف هذه الانتخابات، أنّ أمر السير في تشكيل الحكومة الجديدة لحزب الأكثرية سيتحدّد مصيره في زنزانة رئيس الوزراء السابق، عمران خان، مؤسّس "حركة إنصاف" داخل سجن ديالة، رغم منعه من ممارسة العمل السياسي لمدة 5 سنوات، بموجب أحكام صدرت عليه بعد إدانته بالفساد، قال هو وحزبه إن هدفها حرمانهم مِن الرجوع للحكم الذي عزله البرلمان منه في أبريل 2022.
وجرت الانتخابات في 8 فبراير الجاري لاختيار البرلمان الاتحادي البالغ عددهم 336 نائبا وأعضاء البرلمانات الإقليمية.
المهمّة الأولى للاتحاد
أعلن رئيس حزب تحريك إنصاف، المحامي جوهر خان، في مؤتمر صحفي، الإثنين، أن المرشّحين المستقلين المدعومين من الحزب سينضمّون رسميا إلى مجلس الاتحاد السني (SIC) في البرلمان، وكذلك في برلمانات المقاطعات في البنجاب وخيبر بختونخوا.
والانضمام لحزب الاتحاد السّني، الذي يقوم به النواب الفائزون من حزب "حركة إنصاف"، هو خطوة إجبارية؛ لأنّ القانون لا يمنح المستقلين مهما كان عددهم حق تشكيل الحكومة.
بدوره، أكّد المرشّح لمنصب رئيس الوزراء عن حزب الإنصاف، عمر أيوب، أنّ حزبه سيشكّل الحكومة في البلاد، وستكون مهمّتها الأولى ضمان إطلاق سراح مؤسّس الحزب عمران خان وزوجته بشرى بيبي.
خطوة ضرورية
عن اختيار حزب الاتحاد السني، يقول المتحدّث باسم حزب الإنصاف، عبدالصمد يعقوب، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن هذا "جاء بعد مشاورات واسعة داخل حزب الإنصاف، وكانت هناك عدة خيارات، منها حزب مجلس وحدة المسلمين، لكن تمّ الاتفاق على حزب الاتحاد، على أن يبقى حزب مجلس وحدة المسلمين حليفا مقربا، ويدعم توجّهاتنا في تشكيل الحكومة".
هذا التشكيل بدأت خطواته بالفعل بعد أن ضمن التحالف الجديد أنه امتلك الأكثرية في البرلمان؛ وفق يعقوب، تم ترشيح عمر أيوب لمنصب رئيس الحكومة، وسيتم عقد مباحثات بعد الانتهاء من الطعون الانتخابية التي قدّمها الحزب على مقاعد يرى أنها كانت في صالحه.
شعبية عمران خان
يُرجِع المحلل السياسي الباكستاني، جاويد رانا، المقاعد التي حصل عليها مرشّحو حزب الإنصاف والمدعومون منه، رغم "التضييقات" التي تعرّض لها، إلى أنه "يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الناخبين".
مِن الضربات التي تعرّض لها الحزب قبل الانتخابات، كما يوضّح رانا لـ"سكاي نيوز عربية"، سحب الثقة من عمران خان أغسطس الماضي، وتعرّضه بعدها للمحاكمة، ثم إدانته والحكم عليه بالسجن في عدة قضايا، وكذلك نالت زوجته حُكمين؛ ما ترتّب عليه حرمانه من ممارسة حقوقه السياسية لمدة 5 سنوات.
إلا أن هذه الأمور، يتابع المحلل الباكستاني، جاءت "بنتائج عكسية"، وأفادت خان أكثر مما أفادته محاولاته للضغط على الحكومة عبر مظاهرات الشارع، وحصد أكبر عدد من المقاعد في منافسته مع حزبي الرابطة الإسلامي والشعب، رغم نزول مرشّحيه كمستقلين، ولم يشارك حزبه بشكل رسمي.
منع عمران خان سياسيا
- بعد إدانته قضائيا، أصدرت لجنة الانتخابات الباكستانية قرارها بمنع رئيس الوزراء السابق من ممارسة العمل السياسي لخمس سنوات.
- حُكِم على خان بالسجن لثلاث سنوات، بتُهمة بيع هدايا منحت للدولة بطريقة غير قانونية بعد أن حصل عليها هو وعائلته خلال فترة ولايته من عام 2018 إلى 2022، بينما ينفي خان ارتكابه هذه المخالفات.
- في يناير وأوائل فبراير الجاري، توالت على خان وزوجته بشرى بيبي عدة أحكام، منها السجن 7 سنوات بعد حكم قضائي بأن زواجهما عام 2018 انتهك القانون؛ حيث تم قبل انتهاء عِدّة بشرى بعد طلاقها من زوج سابق.
مسيرة خان السياسية
- وُلد خان عام 1952 بمدينة لاهور في إقليم البنجاب شمالي البلاد، ودرس في جامعة أكسفورد، واحترف رياضة الكريكت التي تحظى بشعبية كبيرة في باكستان، حتى توّج مسيرته فيها بالفوز ببطولة العالم؛ ما رفعه لمستوى البطل الشعبي.
- استفاد من شعبيته في تأسيس حزب "حركة إنصاف" عام 1996، وتعرّض للاعتقال لمواقفه المعارضة للسلطة.
- أصبح حزبه عام 2013 في المركز الثالث بين الأحزاب حصولا على الأصوات في الانتخابات، وتقدّم حتى وصل زعيمه عمر خان لرئاسة الوزارة عام 2018.
- وقعت خلافات شديدة بينه وبين أحزاب معارضة، انتهت باتفاق المعارضة في البرلمان على عزله، وهو ما تم في أبريل 2022.
- فور ذلك، قاد احتجاجات ومظاهرات في الشارع؛ رفضا لعزله، ومطالبا بانتخابات مبكّرة على أمل أن تعيده للسلطة، تخللها أحيانا أعمال عنف.
- وُجّهت له عشرات التهم، من بينها الفساد والخيانة العظمى وتسريب أسرار الدولة والزواج غير الشرعي.