تتوالى ردود الفعل التي تحاول تبرئة إيران من المسؤولية عن الهجوم على موقع عسكري أميركي متقدّم على الحدود بين الأردن وسوريا، وقتل 3 أميركيين، ما يخدم رغبة طهران وواشنطن في عدم الدخول بحرب مباشرة، حسب خبراء.
ويستعرض محللون سياسيون لموقع "سكاي نيوز عربية"، ما يرونها دوافع حزب الله العراقي لإعلان تعليق هجماته التي اعتاد شنها على القوات الأميركية في العراق، الأربعاء، بعد تصاعد دعوات داخل أميركا بتوجيه ضربات إلى إيران.
ووفقا لتقرير نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، فقد نفت البعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة أن يكون لبلادها أي دور في هذا الهجوم.
وأعلن حزب الله العراقي، الذي تعتبره الولايات المتحدة مدعوما من إيران، تعليق عملياته العسكرية ضد القوات الأميركية في المنطقة، وقال في بيان الثلاثاء: "نعلن تعليق العمليات العسكرية والأمنية ضد قوات الاحتلال (قاصدا القوات الأميركية)؛ منعا لإحراج الحكومة العراقية".
وأضاف البيان: "سنواصل الدفاع عن أهلنا في غزة بطرق أخرى، ونوصي مجاهدي كتائب حزب الله الحر البواسل بالدفاع السلبي (مؤقتا)، في حال حدوث أي عمل أميركي عدائي تجاههم".
رفع الحرج
المحلل العسكري السوري، العقيد مالك الكردي، يعتبر إنكار إيران فائدة بطهران وواشنطن معا لهذه الاعتبارات:
- بعد هجوم البرج 22 وصلت الطائرة بي 52، ممّا ينذر لأسوأ الاحتمالات.
- إيران سارعت للتنصل من المسؤولية؛ لأنها تدرك أن هذه الطائرة يُمكنها أن تسقط أكثر أنواع القذائف قوة واختراقا ودقة، ويمكن لضرباتها أن تلحق الضرر الكبير بالأهداف الإيرانية الاستراتيجية، ومنها المفاعلات النووية، وهذا سيلحق الضرر بالنظام الإيراني برمّته ويهدّد مستقبل جميع وكلائه بالمنطقة.
لذلك تحرّكت جميع الأذرع لتعلن تبرئة إيران من هذا الهجوم، ومحاولة تحمّل التوابع لتخفيف الضغط على إيران وإبعادها عن المواجهة، لأنه يستحيل على الولايات المتحدة أن تستطيع توجيه ضربة قوية لهذه الأذرع؛ لأنه ليست لديها الأسلحة والعتاد الضخم ولا القواعد الثابتة الكبيرة، بل تنتشر على الأراضي السورية في معظمها بقوام مجموعات المشاة والتي لديها قدرة عالية على التحرّك.
في نفس الوقت، محاولات أذرع إيران تبرئتها تتناسب ورغبة واشنطن في عدم توسيع الصراع، أو الدخول في حرب مفتوحة مع إيران؛ لاعتبارات تخص الانتخابات الأميركية الرئاسية المقبلة، ولاعتبارات استراتيجية تخص دور طهران كشرطي يحفظ مد المصالح الأميركية في المنطقة، كما تراها واشنطن.
حفاظا على البقاء
المحلل السياسي والأمني العراقي، علي البيدر، يقول إن الجماعات المسلحة تجتهد في الدفاع عن طهران وتبرئتها أو إبعادها عن دائرة الضغط للحفاظ على بقائها؛ لأنها تدرك تماما أن أي أزمة تتعلق بالواقع الإيراني سوف تنعكس بالسلب عليها، وهي تدين بالولاء العقائدي المطلق.
هذه الجماعات تدرك أيضا أن قوة إيران من مصلحتها، وأي ضعف يطال إيران ونفوذها في المنطقة سيؤثّر عليها بطبيعة الحال ويعرّضها للمساءلة والحساب من قوى المنطقة، كون أن مصير الجانبين واحد بطبيعة الحال، وفق المحلل العراقي.
بالنسبة إلى حزب الله العراقي، يواصل البيدر، فقد تدخّل رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وطلب من الحزب أن يقوم بدور إيجابي لحفظ سيادة البلاد ومكانتها، وبالتالي ألا يكون العراق حلبة للنزال وطرفا في المواجهة.
ويعتقد البيدر أنه من الخيارات التي كانت مطروحة، إذا لم يتوقف الحزب، أن الحكومة لن تستطيع حمايته، خصوصا بعد مقتل 3 أميركيين، ففي السابق شهدنا مقتل شخص واحد، وكان الرد الأميركي هو استهداف قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وأبو مهدي المهندس، القيادي بالحشد الشعبي الموالي للحرس في غارة أميركية عام 2020، وهو ما يشير إلى قوة الرد الذي قد يحدث.
كما يلمس أن المزاج الغربي أيضا يتّجه إلى الانتقام من الجماعات المسلحة، والوضع العام في المنطقة يشجّع على ذلك، والحكومة العراقية تسعى لإبعاد البلاد عن شبح الصراع.
حدود التصعيد
يتفق الباحث في الشأن الإيراني، وجدان عبدالرحمن، مع البيدر في أن خطوة حزب الله العراقي لتعليق هجماته تشير إلى توقعاته بضربات أميركية تستهدفه، ويبدو أنه اعتراف من جانبهم بأنهم كانوا وراء العملية التي أدّت إلى مقتل وإصابة الجنود الأميركيين.
أمّا إن وجّهت واشنطن ضربات لإيران تستهدف مثلا الموانئ أو شركات النفط أو الكيماويات أو مواقع الحرس الثوري الإيراني، فيستبعد عبدالرحمن أن تقوم إيران بالتصعيد أو الرد، وستكتفي بالتصعيد الإعلامي فقط، وقد تقوم بإطلاق صواريخ من هنا أو هناك لاستعراض القدرة على الرد، مثلما حدث بعد اغتيال قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني.