تُواجه الحكومة في بنين احتجاجات تُطالب باستقالة الرئيس باتريس تالون، ينظّمها معارضون لمشاركة بلادهم في التدخل العسكري المحتمل ضد النيجر المجاورة.
يأتي هذا بعد أقل من أسبوع من إعلان المجلس العسكري في النيجر، 13 سبتمبر، في بيانٍ، أنه سيُنهي اتفاقية عسكرية مع بنين، متهما إيّاها بالسماح بنشر "جنود ومرتزقة ومواد حربية" على أراضيها؛ استعدادا لتدخّل عسكري ضد نيامي تقوده المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس".
نشرت حسابات على موقع "إكس" تتبع نشطاء مُعارضين للنفوذ الفرنسي في وسط وغرب إفريقيا، الأحد، مقاطع فيديو لمتظاهرين، قالت إنهم يرفضون استخدام باريس لبلادهم في التحضير لعمل عسكري لإنهاء الانقلاب العسكري في النيجر، وطالبوا باستقالة تالون.
في 15 سبتمبر، اعتقلت السلطات الباحث السياسي، كيمي سيبا، ثم أطلقت سراحه، وهو ينشط منذ عام 2013 في الدعوة للتخلّص من مظاهر النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا، ومنها الارتباط بالفرنك الفرنسي، وأسهم في تنظيم مظاهرات لهذا الغرض في يناير 2017 في عدة بلدان ناطقة بالفرنسية.
على خَط الخطر
تعطي الباحثة الأميركية المتخصّصة في الشؤون الدولية، إيرنينا تسوكرمان، لموقع "سكاي نيوز عربية"، صورة عامة عن موقع بنين في الصراع الدولي على النفوذ في المنطقة:
- حكومة بنين لا تدعم الاتجاه العام نحو "فاغنر" (استعانة بعض دول المنطقة بالمجموعة الروسية المسلّحة الخاصة في دعم جيشها)، رغم أنها تواجه تهديدا إرهابيا يجتاحها من الشمال.
- في نفس الوقت، فإنّ بنين تطلعت لاستخدام المروحيات العسكرية الروسية لتعزيز قتالها ضد الإرهابيين، لكن تعطّل الأمر بسبب حرب أوكرانيا.
- في المقابل، أعدّت الولايات المتحدة مساعدات طويلة الأجل لبنين، وإن كانت بعيدة كل البعد عن التصدي للتهديدات مباشرة.
- مِن جانبها، تعِد روسيا شعوب المنطقة بتقديم بدائل أكثر احتراما وفرص اقتصادية أفضل، وهي لا تخلق مشاكل داخلية في تلك البلدان قبل ظهورها على الساحة.
- الجهود الروسية ساعدت في نجاح الانقلابات في عدة دول، وبنين تقع مباشرة على خطّ الخطر.
- ما يعزز هذا الخطر، الأزمات التي تُواجهها بنين مثل الإرهاب وخلافاتها مع بوركينا فاسو، والتي قد تعطي فرصة أكبر لتدخلات أجنبية، كما أنّ سخط جماعات حدودية مِن قرارات تنظّم الصيد قد يدفعها للتعاون مع الإرهابيين وجماعات إجرامية ومهرّبين.
تأثير الدومينو
يتّفق المحلل السياسي التوغولي، محمد مادي غاباكتي، في أنّ بنين، بالإضافة إلى الكاميرون، قد تتأثَّران بحركة "دومينو" الانقلابات التي شهدتها النيجر ومالي وبوركينا فاسو وغينيا كوناكري.
ومن الأسباب التي يراها لذلك، يقول لموقع "سكاي نيوز عربية" إن شكل العلاقات التي حافظت عليها باريس مع هذه الدول بعد استقلالها عنها "أسهم بالتأكيد في إضعاف ترسيخ وشرعية مؤسسات الدولة الديمقراطية".
تجنّب الانقلاب العسكري
سجّل الاقتصاد البنيني في 2021 نسبة نمو اقتصادي 7 بالمئة، مقابل 3.8 بالمئة عام 2020 (البنك الإفريقي للتنمية، 2022)؛ اعتمادا على أداء جيّد في الزراعة والصيد البحري والغابات والمناجم والتجارة.
إلا أنه يبدو أنّ ثمار هذا النمو لا يتم توزيعها بدرجة تُرضي الكثيرين ممّن يبحثون عن تحسين مُستوى معيشتهم؛ ولذا تُعلّق الباحثة الأميركية بأن "عجز" الحكومة عن معالجة الملف الاقتصادي أدّى بالفعل إلى استياء شعبي ومظاهرات ضد الرئيس.
اختلطت مشاعر الغضب من الوضع الاقتصادي مع الغضب من إقحام بنين في التدخل العسكري المحتمل ضد النيجر، وفق إيرنينا تسوكرمان، والتي تنصح الحكومة باتخاذ هذه الخطوات لتجنّب الانزلاق في انقلاب عسكري:
- على بنين أن تعي درس قيام الجيوش بالتدخل للاستجابة للدعوات الشعبية في التغيير.
- يتعيّن على بنين أن تتخذ التدابير اللازمة لإصلاح جيشها وتعزيز حكمها، فعندما يثق الناس في قدرات حكوماتهم فإن الوعود الروسية الفارغة لا تشكّل تهديدا يُذكَر.
- أمّا إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فلا يسعنا إلا أن نتوقع تكرار نفس النتيجة؛ أي انقلاب آخر، رغم أنه قد لا ينجح أيضا في تحسين الأمور.
ذَكَر استطلاع حديث لمقياس "أفروباروميتر"، شمل 36 دولةً في إفريقيا، أن 66 بالمئة مِن المستطلع آراؤهم يريدون الديمقراطية، ويعارض 67 بالمئة الحكم العسكري.
وفيما يخص بنين، يفضِّل 79 بالمئة الديمقراطية، لكن 44 بالمئة فقط راضون عن الطّريقة التي تعمل بها ديمقراطيتهم.