مع احتفاله، هذا الشهر، ببلوغه 100 عام منذ تأسيسه، بدأ حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، في التحفز لانتخابات المنافسة على رئاسته، وسط مطالب ملحة بـ"التغيير، سواء للحزب أو لتركيا بأكملها.
من الأسماء التي سارعت لإعلان ترشحها للانتخابات المرتقبة خلال أسابيع، زعيم الكتلة النيابية للحزب، أوزغور أوزال، متعهدا بأن يكون فوزه برئاسة الحزب سبيلا لـ"تغيير تركيا" الحالية، على أساس مبادئ مؤسس تركيا الحديثة العلمانية، مصطفى كمال أتاتورك، وفق ما نشرته صحيفة "جمهوريت" التركية السبت.
كذلك أعلن أورسان أويمان، عضو سابق في مجلس الحزب، ترشحه، معتبرا أنه هو مرشح
"الطريق الثالث"، بعد عدم تحقيق حزب العدالة والتنمية الحاكم والأحزاب المعارضة لما يريده الشعب في السنوات الماضية، بحسب رأيه.
واشتدت مطالب تغيير القيادة في الحزب بعد فشل رئيسه الحالي، كمال كليتشدار أوغلو، في الفوز في انتخابات رئاسة البلاد، مايو الماضي، ثم رفضه الاستقالة بعد الخسارة.
قرن التغيير
حدد أوزال، خلال إعلانه ترشحه لرئاسة حزب الشعب الجمهوري في مؤتمر صحفي، الجمعة، في مقر الحزب، أن هدفه الأساسي هو "تغيير تركيا"، وإعادة الحزب إلى "مبادئ أتاتورك"، قائلا: "إذا تغير حزب الشعب الجمهوري ستتغير تركيا".
ووفق ما نشرته صحيفة "جمهوريت" العلمانية، جاء في تصريحاته بشأن الخطوط العريضة لأهدافه من الترشح، والمتضمنة في وثيقة بعنوان "قرن التغيير وتغيير القرن":
- أنا أرشح نفسي لرئاسة الحزب ليس للحصول على السلطة داخله، ولكن لكي نجعل حزبنا يصل إلى السلطة.
- سياسة الحزب القادمة يجب أن تركز على مبادئ أتاتورك (القومية العلمانية).
- نعد بهوية يسارية للحزب توفر حلولا وآمالا للمشاكل المتفاقمة للعمال غير الآمنين والفقراء.
وفي إشارة إلى عدم تفضيله التحالفات مع أحزاب ذات أيديولوجيات يمينية تناقض عقيدة أتاتورك، انتقد أوزال بشدة أن دخول حزب الشعب الجمهوري في تحالف مع أحزاب تحت اسم "تحالف الأمة" قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تسبب في حصولهم على 39 مقعدا يرى أن حزبه كان أولى بها.
تأييد لأوزال
سارعت قيادات بارزة في الحزب لتأييد ترشح أوزال بكلمات تشد من عزمه في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى موقع "إكس" قال أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، كلمته التي كررها مرارا من قبل، إنه "إذا تغير حزب الشعب الجمهوري، فإن تركيا ستتغي"، متمنيا النجاح لأوزال الذي يحمل على عاتقه مشروع "التغيير".
وهنأ نائب حزب الشعب الجمهوري عن أزمير، علي ماهر بشارير، أوزال على خطوته، متمنيا له بدوره التوفيق في هذا المسار.
ومستعيرة كلمة "قرن التغيير" من وثيقته، خاطبت البرلمانية سيلين صايك، أوزال بقولها إنه لو نجح في أهدافه، وشكل الحزب الحكومة، فإنها ستكون أولى خطوات أيام مشرقة من قرن التغيير.
منافس أم ديكور؟
يعلق المحلل السياسي التركي، هشام غوناي، على ترشح أوزال، قائلا إن حزب الشعب الجمهوري يشهد حالة عدم استقرار بعد خسارة الانتخابات.
وعن مغزى ترشيح أوزال، يقول غوناي لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه "إشارة إلى وجود أشخاص داخل الحزب قادرون على الترشح ضد كليتشدار أوغلو".
إلا أنه في نفس الوقت، استبعد أن يحقق أوزال أهدافه، قائلا إن "حظوظه ستكون صعبة للغاية"، وإن فاز فلن يكون هو القائد الفعلي.
ويضيف موضحا:
- أوزال من المقربين من كليتشدار أوغلو؛ ما يطرح علامات الاستفهام حول ترشحه، وما إذا كانت دافع شخصي، أم مجرد ديكور لإكمال الشكل العام للانتخابات.
- كليتشدار أوغلو يحاول شرعنة انتخابه في المؤتمر العام القادم للحزب (بوجود مرشحين بارزين أمامه)؛ حيث لم تكن هناك منافسة قوية له في انتخابات الحزب السابقة، والآن هناك تململ في صفوف الحزب؛ فيحاول خلق صورة جيدة بالدفع بمنافس ولكن موالي له.
- هذا يعني أنه حال فوز أوزال فإن كليتشدار أوغلو هو من سيدير الحزب من خلف الكواليس.
مرشح "الطريق الثالث"
بجانب أوزال، أعلن أورسان ك.أويمان أيضا ترشحه لرئاسة حزب الشعب الجمهوري، قائلا وهو ينتقد أحوال الحزب الحالية وإدارته، التي اعتبرها لا تفرق كثيرا عن إدارة حزب العدالة والتنمية الحاكم: "نحن بالتأكيد بحاجة إلى فتح طريق ثالث".
وفي مؤتمر صحفي لإعلان ترشحه، اعتبر أويمن أن مشكلة الحزب الرئيسية الآن هي "الهوية، وفق ما نقلته صحيفة "جمهوريت"، السبت، خاصة مع الزحف نحو الخصخصة وإدخال البعض للدين في شؤون الدولة، وهي أمور اعتبرها مناقضة لهوية تركيا.
وحزب الشعب الجمهوري تم إعلانه منظمة سياسية رسميا سبتمبر 1923، وتولى إعلان تأسيس تركيا الحديثة، وحكم البلاد حتى عام 1950، ومن وقتها وهو حزب معارض.