ألقت العقوبات المتعددة التي جرى فرضها على السلطات الجديدة في النيجر، تداعيات واسعة على البلاد التي تشهد اضطرابات داخلية بعد الانقلاب العسكري الأخير، وسط تخوف من "كارثة إنسانية" حال استمرارها خلال الفترة المقبلة.
وكانت آخر حلقات الأزمة إيقاف شركة الوقود النووي الفرنسية "أورانو" معالجة خام اليورانيوم في إحدى منشآتها بالنيجر، مرجعة ذلك إلى أن العقوبات الدولية ضد المجلس العسكري الذي قاد الانقلاب تعرقل الخدمات اللوجستية، حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ".
كما يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على أعضاء المجلس العسكري في النيجر، إذ أكد مسؤول في التكتل بدء مناقشة معايير الإجراءات العقابية.
وكان رد المجتمع الدولي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) على الانقلاب العسكري في يوليو الماضي، بحزمة عقوبات تهدف إلى الضغط على القادة الجدد لاستعادة حكم الرئيس المعزول محمد بازوم.
إلا أن صدى هذه العقوبات تردد خارج نطاق السياسة، حيث تم تعليق الإمدادات الإنسانية الحيوية بما في ذلك المساعدات الغذائية والمؤن الطبية على الحدود، وباتت حياة أكثر من 10 ملايين شخص على المحك.
تفاصيل العقوبات
تعددت العقوبات المفروضة على النيجر عقب الانقلاب، ما بين قرارات اتخذتها "إيكواس"، وأخرى من الغرب وعلى رأسه الاتحاد الأوروبي وفرنسا، وكذلك نيجيريا، لتشمل:
- إيقاف جميع المعاملات التجارية والمالية بين النيجر وجميع الدول الأعضاء في "إيكواس".
- تجميد أصول النيجر في البنوك المركزية للدول الأعضاء في "إيكواس".
- تجميد أصول المسئولين العسكريين الضالعين في الانقلاب.
- تعليق جميع المساعدات المالية مع بنوك التنمية الإقليمية، وإغلاق الحدود مع النيجر وحظر الرحلات التجارية.
- قطعت نيجيريا إمدادات الكهرباء، حيث تعتمد النيجر على جارتها لسد 70 بالمئة من احتياجاتها.
- علقت فرنسا وكندا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي المساعدات والقروض والدعم المالي، وهي مبالغ تتخطى ملياري دولار.
تأثير كبير
ووصف المجلس العسكري العقوبات المفروضة على النيجر بـ"غير القانونية ولا الإنسانية"، معتبرا أن الشعب يتأثر بشدة بتلك العقوبات التي تصل حد "حرمان البلاد من الأدوية والمواد الغذائية والكهرباء".
وذكرت لجنة الإنقاذ الدولية أن العقوبات ألقت ظلالا واسعة على الأحوال المعيشية لمواطني النيجر، ويأتي على رأسها:
- منع المساعدات الإنسانية بسبب إغلاق الحدود، بما يشمل الغذائية والطبية، مما يمكن أن يؤدي إلى عواقب كارثية.
- انعدام الأمن الغذائي مع تضاؤل الإمدادات، إذ أن أكثر من 3 ملايين نيجري كانوا يعانون بالفعل نقص الغذاء قبل الانقلاب، وأصبح وضعهم أكثر غموضا.
- تدهور أوضاع الأطفال، إذ قال المدير القطري للجنة الإنقاذ الدولية في النيجر باولو سيرنوشي، إن "حياة الأطفال النيجريين مهددة من دون اتخاذ إجراءات سريعة لإدخال المساعدات، وإلا فإننا نجازف بخسارة المعركة ضد سوء التغذية والأمراض التي يمكن الوقاية منها".
- دخلت التجارة الإقليمية دائرة الخطر مما أثر على سبل العيش خاصة للمزارعين، وترك التجار والعمال يترنحون.
- وفق بيانات البنك الدولي، بلغت نسبة الفقر في النيجر قرابة 42 بالمئة عام 2021، أي ما يعادل أكثر من 10 ملايين نسمة.
عقوبات قاسية
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، يرى الباحث الأميركي المتخصص في شؤون إفريقيا والأمن القومي سكوت مورغان أن "الخطوة التي كان لها تأثير أقسى، ما نفذته نيجيريا بقطع إمدادات الكهرباء".
وقال مورغان، إن "الأمور تمضي إلى تدهور ملحوظ، ففي الأساس كانت النيجر واحدة من أفقر بلدان العالم".
كما تحدثت الباحثة المتخصصة في الشؤون الإفريقية بالمركز المصري للدراسات هايدي الشافعي لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلة إن "العقوبات لها انعكاس مباشر على الشعب النيجري"، محددة ذلك في عدد من النقاط:
- هناك جزء يتعلق بالتيار الكهربائي، فنيجيريا تمد النيجر بـ70 بالمئة من احتياجاتها، ومع وقف المساعدات وإغلاق الحدود بدأ انقطاع التيار بشكل أكبر، وهذا لا يؤثر على القطاعات الاقتصادية للدولة فحسب بل على المواطن.
- هناك ارتفاع كبير في أسعار السلع بالبلاد بسبب تعليق التجارة مع دول الجوار، مما يشكل ضغطا على شعب النيجر ويرفع من تكاليف المعيشة، وجرى رصد زيادة أكثر من 200 بالمئة في بعض المنتجات.
- تضررت المشروعات التنموية بالبلاد بعدما أوقف البنك الدولي قرضا بحوالي 131 مليون دولار كانت مخصصة لبعض مشروعات البنية التحتية.
- احتمال تخلف النيجر عن سداد ديونها بعدما ألغى البنك المركزي الإقليمي إصدار البلاد سندات بقيمة 51 مليون دولار، في ظل تعليق المنح والمساعدات الخارجية التي تعتمد عليها بنحو 40 بالمئة من موازنتها.
- تزايد الخوف من تدفق اللاجئين عبر الحدود، حيث تشترك النيجر في حدودها مع 7 دول إفريقية، مما جعلها ممرا للمهاجرين والنازحين المتجهين من غرب وجنوب القارة إلى الجزائر وليبيا شمالا، كخطوة للهرب نحو أوروبا.