تستمر بيلاروسيا في تدريباتها العسكرية المفاجئة قرب الحدود البولندية والليتوانية، بالتزامن مع توالي وصول المزيد من قوات فاغنر الخاصة إلى مينسك عقب تمرد قصير الوقت ضد السلطات الروسية انتهى باتفاق أنهى تمردهم المسلح نهاية يونيو.
مناورات بيلاروسيا التي انطلقت أول أمس، تستند بحسب وزارة الدافع الروسية إلى تجارب من العملية العسكرية الخاصة، وتشمل استخدام طائرات دون طيار والتفاعل بين وحدات الدبابات و(مختلف الأسلحة الخفيفة) والبنادق الآلية مع وحدات الفروع العسكرية.
حسب ما يرى محللون، ألقت التدريبات العسكرية البيلاروسية مزيدًا من الزيت على الأجواء المشتعلة في بولندا خشية أن تكون مجرد المناورات "بروفة" لتدخل قوات فاغنر في وارسو على خلفية تضامن الدولة البولندية مع أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) ضد روسيا؛ يأتي ذلك في ظل ترجيح النائب الروسي أندريه كارتابولوف (نائب وزير الدفاع سابقًا) وجود تحضيرات روسية لشن هجوم على بولندا تقوم به مجموعة من مقاتلي فاغنر.
رسائل موسكو ومينسك
وحول تلك التحركات الأخيرة، يقول نعومكن بورفات المتخصص بالسياسية الدولية بجامعة تافريسكي الأوكرانية، إن اتخاذ بيلاروسيا قرارًا بنقل قوات عسكرية تضم مقاتلي فاغنر قرب حدود بولندا يعزز مخاوف الدول الأوروبية جميعًا من تحرشات محتملة بدولة تتمتع بعضوية حلف الناتو، لا سيما أن المنطقة التي تضم التدريبات ستشهد نشر فرق وتشكيلات قتالية والقيام بواجب قتالي على أعلى مستوى.
وتابع الباحث الأوكراني، خلال تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا إن هناك رسائل مبطنة من التدريبات العسكرية في بيلاروسيا تريد أن ترسلها روسيا وحليفتها مينسك إلى أوروبا وحلف الناتو:
- حدود الدول الأعضاء بالناتو تظل مستباحة بمختلف الطرق ويمكن التحرش بها عسكريًا بأي وقت.
- تزايد وصول أعداد من قوات فاغنر في فرق صغيرة متتارية يصعب تعدادهم بشكل فعلي ليزيد مخاوف الغرب.
- اتخاذ أراضي بيلاروسيا منصة للانطلاق والهجمات صوب أوكرانيا يمكن أن يتبدل باتجاه بولندا يومًا ما.
- تعزيز المخاوف لدى الأوروبيين من حقيقة دور فاغنر في مينسك ووجودهم لمهام عسكرية لصالح روسيا غير تدريب الجيش البيلاروسي.
أوروبا تراقب بقلق
يقول الباحث التركي في الشأن الدولي، فراس رضوان أوغلو، إن بولندا وليتوانيا الجارتان لبيلاروسيا لم تقفا مكتوفة الأيدي إزاء التدريبات العسكرية البيلاروسية وعززتا الأمن على الحدود المشتركة بينهم بعد وصول الآلاف من مقاتلي مجموعات فاغنر الخاصة، وقامت بولندا في يوليو الماضي بنشر قوات على حدودها الشرقية ما أثار غضب موسكو.
وأضاف رضوان أوغلو في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية" أن بولندا وليتوانيا لديهما قلق كبير من مناورات مينسك بعد أن حلقت طائرتان هليكوبتر بيلاروسيتان لفترة وجيزة في وقت سابق من شهر أغسطس الجاري على ارتفاع منخفض في المجال الجوي البولندي، وهو ما نفته سلطات بيلاروسيا، أيضًا إجراء التدريبات في بيلاروسيا ليس الأول ولن يكون الأخير، ففي أبريل الماضي، أعلنت مينسك عن تدريبات تكتيكية في ساحة تدريب بريست قرب حدود بولندا، ضمت وحدات فوج الصواريخ المضادة للطائرات والتابع للقوات الجوية وقوات من الدفاع الجوي، فضلًا عن تواجد عدد غير معلوم لأي جهة من قوات فاغنر في بيلاروسيا.
واستعرض الباحث التركي عوامل القلق الأوروبي والبولندي من إجراء المناورات العسكرية البيلاروسية ومنها:
- تقام بمنطقة استراتيجية تربط دول البلطيق الثلاث (ليتوانيا، لاتفيا، وإستونيا) مع دول (الناتو).
- تُجرى التدريبات في منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة تمتد لـ96 كيلومترًا بطول الحدود البولندية الليتوانية.
- تفصل بيلاروسيا عن منطقة كالينينغراد العسكرية الروسية شديدة التسليح المطلة على بحر البلطيق.
- تستند المناورات إلى تجارب من "العملية العسكرية الخاصة" وهو مصطلح تستخدمه روسيا في حربها ضد أوكرانيا.
- تواجد نحو 7 آلاف من مقاتلي فاغنر في معسكر قريب من بلدة أسيبوفيتشي على مسافة 230 كيلومترًا شمال الحدود الأوكرانية.
- تتزامن التدريبات مع تزايد التوترات السياسية بين بولندا وبيلاروسيا إثر قضية المهاجرين في 2022 على الحدود المشتركة.
وفي وقت سابق اتهمت بولندا والدول الغربية بيلاروسيا بتنفيذ "حرب هجينة" ضدها عبر تشجيع وتنظيم تدفق المهاجرين عبر وعدهم بتسهيل دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي؛ أعلنت بولندا، مؤخرًا أنها ستنقل وحدات عسكرية من غرب البلاد إلى شرقها تحسبًا لتهديدات محتملة من مجموعة فاغنر، التي باتت تتمركز في بيلاروسيا.