تفاقم تأثير كوارث تغير المناخ، وزيادة الإرهاب والفقر، هي ضمن تداعيات "مأساوية" مرتقبة بعد تجميد عدة دول مساعداتها وصادراتها للنيجر، في محاولة منها لتعجيز قادة الانقلاب العسكري عن إدارة البلاد، وفق خبراء.
وتتالى إعلانات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، ودول بإفريقيا وأوروبا عن وقف تعاونها الاقتصادي والإنساني مع النيجر؛ عقابا للانقلاب العسكري الذي وقع في 26 يوليو، إضافة للتلويح بتدخل عسكري.
ويرصد باحث سياسي لموقع "سكاي نيوز عربية" المشهد المتوقع أن تكون عليه النيجر حال استمرار أمد تجميد المساعدات، وخاصة ما يتعلق بقدرتها على الصمود أمام الجفاف والتصحر والإرهاب.
اعتماد كبير على المساعدات
• تتلقى النيجر، البالغ سكانها 26,2 مليون نسمة، هبات خارجية ومساعدات تنموية وعسكرية بملياري دولار سنويا، وفق البنك الدولي، الذي قال إنه من الصعب على قادة الانقلاب تمويل حكم أحد أكثر دول العالم نموا في السكان.
• تمويل ربع الإنفاق العام يعتمد على هبات خارجية، حيث تمثل المساعدات 9% من إجمالي الناتج المحلي، وتأتي في صورة تبرعات وقروض ميسرة، بينما تمول الدولة 62 بالمائة فقط من موازنتها، والباقي تمويلات خارجية، وفق وكالة "فرانس برس".
• بحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، تلقت النيجر مساعدات بقيمة 1,8 مليار دولار عام 2021 لتمويل مشاريع على الأرض، وهو أكبر دعم خارجي لدولة بغرب إفريقيا بعد نيجيريا التي تلقت 3,5 مليار دولار.
• ويعيش نصف السكان على 2,15 دولارا في اليوم الواحد، وهو خط الفقر، وتشهد البلاد أزمات غذائية متكررة، وفق شبكة "سي إن إن".
البلدان المشاركة في العقوبات
• الولايات المتحدة: وهي تمنح مساعدات إنمائية وأمنية بأكثر من 100 مليون دولار، وفق المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر.
• فرنسا: وكانت تقدم برامج تنموية وأمنية بنحو 120 مليون يورو.
• الاتحاد الأوروبي: وسبق ووافق على منح 70 مليون يورو لدعم جيش النيجر (قبل الانقلاب)، منها أسلحة بقيمة 4.7 مليون يورو، ولديه خطة للتنمية حتى 2026 بقيمة 2,3 مليار يورو.
• كندا: قررت تعليق مساعدات ميزانية حكومة النيجر وبرنامج التعاون التنموي بقيمة 71 ،2 مليون دولار.
• ألمانيا: علقت جميع المدفوعات المباشرة والتعاون الإنمائي الثنائي، وكانت حكومة النيجر تفاوضت معها في عام 2021 على قرض بقيمة 120 مليون يورو.
• نيجيريا: قطعت الكهرباء عن النيجر رغم أنها تمثل70 بالمائة من الطاقة الإجمالية اللازمة للنيجر.
ماذا بعد تعليق المساعدات؟
المحلل السياسي المقيم في السنغال، جيل يابي، المتخصص في شؤون غرب إفريقيا، يعتبر أن أقوى ضربة تلقتها النيجر حتى الآن هي التي وجهتها لها جارتها نيجيريا بقطع الكهرباء، علاوة على قرارها هي ودولة بنين غلق حدودهما البرية أمام حركة البضائع من نيامي.
ومن التداعيات التي يصفها بـ"المأساوية" المنتظر أن تتجرعها النيجر في عدة مجالات، يقول جيل يابي لـ"سكاي نيوز عربية":
• تجميد المساعدات العسكرية يعني تعطيل محاربة الإرهاب؛ فتتصاعد الهجمات الإرهابية مع تربص تنظيمات مثل "بوكو حرام" و"القاعدة" و"داعش" بالبلاد.
• المساعدات تشكل 40% من الميزانية العامة، ووقفها سيضغط بشكل قاس على الفئات الفقيرة.
• ما يفاقم الوضع أكثر أن 80% من مساحة النيجر صحراء قاحلة، وتضربها ظواهر تغير المناخ بشدة، مثل الجفاف والفيضانات المفاجئة، إضافة للجراد الصحراوي الذي يُهلك المحاصيل المحدودة.
• كذلك فإن نيامي أمام معضلة أخرى، وهي وقف جارتها بنين الأشغال في أنبوب النفط الذي أنجزت النيجر منه نحو 75% لنقل النفط إلى ميناء "سيم" في بنين بإيعاز من "إيكواس" ودول الغرب.
• ما سبق يعني أن تجميد المنح قد يؤثر على صمود قادة الانقلاب أمام حاجة نصف السكان للغذاء والدواء.
وعن إمكانية إيجاد المجلس العسكري حلولا من هذه الشرانق التي تحاصره، يقول الباحث السياسي، إن النيجر يمكن أن تحول صادراتها نحو موانئ غينيا كما فعلت مالي عندما تعرضت بدورها لعقوبات "إيكواس" في إطار تضامن المجالس العسكرية مع بعضها في غرب إفريقيا.