مع استعداد بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي "مينوسما" مغادرة البلاد خلال 6 أشهر، وبعد انسحاب القوات الفرنسية، تبدو البلاد بحاجة لإعادة التنسيق مع جيرانها في مجموعة دول الساحل الخمس ضد تمدد الجماعات الإرهابية.
تأسّست مجموعة دول الساحل الخمس عام 2014 من 5 دول هي: مالي، النيجر، بوركينا فاسو، موريتانيا، وتشاد، وهدفها مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والبشر عبر حدودها المشتركة، وأطلقت قوة خاصة بها لمكافحة الإرهاب عام 2017.
علاقات معقدة
لا يتفاءل المحلل السياسي المتخصص في شؤون إفريقيا، محمد مادي غاباكتي، أن تسهم عودة مالي في حلحلة الأزمة الأمنية، مرجعا ذلك إلى أن "العلاقات بين دول المجموعة معقدة، والخلافات أصبحت هي التي تسيطر، والمجلس العسكري في باماكو لا يرغب في العودة، سعيا إلى ما يسميه الاستقلال في القرار".
ويشير المجلس العسكري بذلك إلى النفوذ الفرنسي في عدة دول من أعضاء المجموعة، وهو النفوذ الذي سعى للتخلص منه بطلبه من باريس سحب قواتها التي أرسلتها لمالي عام 2013 بدعوى مكافحة الإرهاب.
لكن الباحث في "مركز راند" الأميركي للاستشارات الأمنية، مايكل شوركين، لا يرى تأثيرا كبيرا لانسحاب مالي على مستوى أداء دول المجموعة، قائلا إنها حتى قبل ذلك كانت غير فعالة للغاية، ويشوب عملها القصور في التعاون الأمني والاستخباراتي بين أعضائها.
من ناحيته، توجّه المجلس العسكري المالي للتعاون مع روسيا، خاصة في المجال الأمني والعسكري، واستدعى قوة من مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة، لتحل محل القوات الفرنسية التي غادرت عام 2022.
وتعاني منطة الساحل من تغلغل وتمدد الجماعات الإرهابية خلال الأعوام العشرة الأخيرة، خاصة التابعة لتنظيم القاعدة، مثل جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، أو تنظيم "داعش" الذي وصلها السنوات الأخيرة، إضافة إلى جماعات مسلحة محلية تتصارع مع الحكومات على السلطة.
استراتيجية جديدة
في 21 و22 سبتمبر 2022، اجتمع وزراء الدفاع ورؤساء أركان مجموعة دول الساحل الخمس في عاصمة النيجر، وناقشوا استراتيجية جديدة للقوة المشتركة ومراجعة خطتها العملياتة بعد انسحاب مالي.
وبتعبير الباحثة السياسية البوركينية، منى ليا، فإن تنفيذ أي استراتيجية لتحسين عمل المجموعة تواجهه العقبات والتحديات التالية:
- إضفاء الطابع الرسمي على قراراتها، وتحسين القدرات بما يضمن سلامة المدنيين.
- حل مشكلة التمويل طويل الأجل للقوة المشتركة، والتي كانت دائما عقبة رئيسية أمام عملها بشكل سليم.
- صراع النفوذ الدولي في منطقة الساحل بين روسيا والصين والولايات المتحدة وعدة دول في أوروبا قد يعرقل لعب مجموعة الساحل الخمسة دورا فعالا في مالي.
- توجُّه سلطات بماكو إلى روسيا، بينما تتوجه دول أخرى من المجموعة إلى فرنسا، مثل النيجر، يزيد عودة التعاون صعوبة.
- بالنظر إلى كون الإرهاب في تلك المنطقة عابرا للحدود المشتركة بين دولها، سيكون من الصعب على مالي استعادة السلام على أراضيها دون تعاون مع جيرانها الذين يواجهون نفس التهديد.