تواصل أوكرانيا الضغط على حلفائها الغربيين في مسعى للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي، في وقت اعتبر مراقبون وخبراء أن العديد من العقوبات تحول دون تنفيذ رغبة كييف في الوقت الراهن، على رأسها اعتراضات بعض دول الناتو، فضلًا عن التخوف من تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الحلف، مما يدفع إلى مواجهة مباشرة مع روسيا.
وفي مقابلة مع صحيفة صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، حذر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، من عدم قبول أوكرانيا في الناتو بعد انتهاء الحرب مع روسيا، معتبرًا ذلك بمثابة "انتحار لأوروبا".
وتأتي تصريحات كوليبا قبل قمة حلف شمال الأطلسي التي تستضيفها العاصمة الليتوانية فيلنيوس يومي 11 و12 يوليو الجاري، حيث يكون طلب كييف للعضوية أكثر نقاط النقاش حساسية من الناحية السياسية.
وتتطلع أوكرانيا إلى الحصول على التزام من الحلف بشأن تطلعاتها لحلف شمال الأطلسي، لكن عددا من الدول الأعضاء يعتقدون أن نقاشا جادا بشأن عضوية أوكرانيا لا يمكن أن يتم إلا بعد انتهاء الحرب على أراضيها مع روسيا.
وهذا ما ذهب إليه المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي شدد على أن قمة الناتو في فيلنيوس يجب أن تركز على تعزيز القوة العسكرية لأوكرانيا بدلا من مناقشة انضمام كييف للحلف.
ضغط أوكراني
- قال وزير الخارجية الأوكراني إنه "بعد انتهاء الحرب، سيكون من الانتحار بالنسبة لأوروبا عدم قبول أوكرانيا في الناتو؛ لأن ذلك سيعني أن خيار الحرب سيظل مفتوحا".
- أوضح كوليبا أن "الطريقة الوحيدة لغلق الباب أمام العدوان الروسي على أوروبا ككل هي قبول أوكرانيا في الناتو، لأن روسيا لن تجرؤ على تكرار هذه التجربة مرة أخرى".
- لدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رؤية لانضمام أوكرانيا إلى الناتو، وكذلك الاتحاد الأوروبي، بمجرد نجاحها في التصدي للقوات الروسية وإجبارها على الرحيل عن أراضيها.
- قالت المندوبة الدائمة لأوكرانيا لدى الناتو، ناتاليا غاليبارينكو، إن كييف تسعى إلى "نوع من الدعوة-أو على الأقل التزام-للنظر في الإطار الزمني وطرق العضوية" في قمة فيلنيوس.
- رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، عبر عن دعم بلاده لـ"تعزيز المشاركة السياسية لأوكرانيا في حلف شمال الأطلسي من خلال إنشاء مجلس الناتو وأوكرانيا لتفعيل التعاون العملي في قطاع الدفاع".
تخوف من المادة 5
وعلى الرغم من بعض الدعم الذي تظهره دول الأطلسي من حيث المبدأ بشأن الطلب الأوكراني المتكرر، يظل الجدول الزمني غامضا، إذ أن دخول كييف إلى الحلف قد يسبّب تصعيدا في النزاع لأن روسيا تعتبر مثل هذا التوسع خطا أحمر، خاصة مع ما تضمنه المادة الـ5 من مواجهة مباشرة للحلف حال تعرض أي دولة لنزاع مُسلّح.
وتنص المادة الخامسة من ميثاق حلف "الناتو"، على أن "أي هجوم أو عدوان مُسلّح ضد طرفٍ منهم (الناتو)، يعتبر عدوانًا عليهم جميعًا، ومِن حقّهم الردّ باتخاذ الإجراءات التي يراها الحلف بقيادة واشنطن ضرورية على الفور، بشكل فردي وبالتوافُق مع الأطراف الأخرى، بما في ذلك استخدام قوة السلاح، لاستعادة والحفاظ على أمن منطقة شمال الأطلسي".
وسبق أن قال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، إن "مستقبل أوكرانيا سيكون في الانضمام إلى الناتو"، لكنه لم يذكر تاريخا محددا لموعد حدوث ذلك.
بيد أن الخارجية الروسية حذرت من كون التفكير في ضم كييف إلى الحلف "سيؤدي إلى تصعيد الصراع وليس المفاوضات".
إطالة أمد الصراع
ويعتقد الكثير من المراقبين، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن دعوة أوكرانيا للانضمام إلى الناتو قد تساهم في إطالة أمد الصراع مع روسيا، مما سيفتح جبهات أخرى للحرب، إذ أن جنود الناتو سيكونون مجبرين على السير إلى كييف لمحاربة الجيش الروسي في صباح اليوم التالي لقبول عضويتها.
ومن أوكرانيا، تحدث الخبير السياسي ورئيس تحرير "أوكرانيا بالعربية"، د. محمد فرج الله، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، عن موقف كييف من عضوية الناتو ومدى استكمال ممارسة الضغط على الحلفاء، قائلاً:
- في الأساس، فطلب عضوية الناتو سبب الأزمات التي حلت على أوكرانيا، رغم أن الخطوة لم تُحقق، وجرى استغلالها ضدها.
- أوكرانيا تخلت عن ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم بموجب مذكرة بودابست عام 1994، مقابل ضمانات أمنية حصلت عليها من أميركا وروسيا وبريطانيا بعدم المساس بسلامة أراضيها.
- في قمة الناتو في بودابست عام 2008، عندما أبرزت أوكرانيا مخاوفها من روسيا، لم يقدم الحلف لأوكرانيا أي شيئ، وقالوا إنهم لا يريدون أي مواجهة مع روسيا على أن تنعم كييف بالسلام، وكانت هناك رؤية أن بإمكانها أن تظل في منطقة بين الشرق والغرب وأن سلامتها ووحدة أراضيها مرتبطة بحيادها.
- هذه الرؤية الغربية جرى استغلالها من قبل روسيا، حيث تم سحب أسلحة والطائرات بعيدة المدى من أوكرانيا، وبالتالي حدث دخول روسيا لشبه جزيرة القرم، وعقبته العملية العسكرية في أوكرانيا.
- الجيش الأوكراني فاجأ الجميع وصمد خلال العام الماضي، بل هزم روسيا في كييف بعد شهر من العملية العسكرية ثم بدأ الدعم الغربي لأوكرانيا تباعا.
- دول الجناح الشرقي من حلف الناتو تنظر لأوكرانيا بعامل مهم لأمنها وخاصة دول البلطيق والجيش الأوكراني أصبح ضرورة، لكن لا يزال هناك اختلاف داخل حلف الناتو بشأن عضوية كييف، ويبقى ضرورة أن توافق جميع الدول الأعضاء بالحلف كشرط أساسي لقبول عضوية أوكرانيا.
- هناك معضلة قانونية في طلب أوكرانيا، وهي أن الحلف لا يضم أي دولة بداخلها صراع عسكري وبالتالي حلف الناتو يجب أن ينظر بطريقة استثنائية للتعامل مع الطلب الأوكراني، إما أن يقدم العضوية، أو ضمانات تقارب العضوية وخاصة المادة الخامسة من ميثاق الحلف وتمكين أوكرانيا من استخدام قدرات الناتو ومن المعلومات الاستخباراتية.