على قدم وساق، تعمل السويد على تحقيق المطالب التركية لقبول عضويتها بحلف شمال الأطلسي قبل القمة السنوية للناتو في العاصمة الليتوانية "فيلنيوس" يوليو المقبل، في وقت تُظهر المواقف الرسمية الأخيرة أن عضوية ستوكهولم لا تزال مُعلقة.
وعلى الرغم من تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن "السويد لم تحصل بعد على دعم تركيا للانضمام إلى الناتو"، ما بدد الآمال المتزايدة في احتمال التوصل إلى اتفاق قريب، إلا أن وزير دفاعه يشار غولر، أكد أن السويد يمكنها أن تصبح عضوًا في الناتو مثل فنلندا "إذا أوفت بالتزاماتها المسجلة في المذكرة الثلاثية بشكل ملموس".
وتقدمت فنلندا والسويد للانضمام إلى الناتو معا في العام الماضي في أعقاب العملية الروسية العسكرية بأوكرانيا، لكن مصيرهما تباعد بعد أن صادقت تركيا على طلب فنلندا قبل الانتخابات الرئاسية التركية، بينما أجلت النظر في الطلب السويدي، إثر نزاع طويل الأمد بشأن ما تراه أنقرة دعما للجماعات الكردية، وكذلك القيود المفروضة على صادرات الأسلحة.
ومع ذلك، تضغط الولايات المتحدة على كافة الاتجاهات لإقناع تركيا بقبول الملف السويدي.
ويرى موقع "المونيتور" الأميركي، أنه على الرغم من بعض التقدم الأخير، فمن المرجح أن يؤدي الخلل في العلاقات الأميركية التركية والسياسة الداخلية في السويد، إلى إبعاد ستوكهولم عن الناتو لفترة أطول قليلا.
قمة فيلنيوس
- يسعى حلف شمال الأطلسي لضم السويد على غرار فنلندا قبيل اجتماع زعماء الدول الأعضاء في قمة فيلنيوس يومي 11 و12 يوليو المقبل.
- التقى مسؤولون كبار من حلف الناتو والسويد وفنلندا وتركيا في أنقرة، الأسبوع الماضي؛ لمناقشة معالجة مخاوف تركيا بشأن "المنظمات الإرهابية" المزعومة.
- تتهم الحكومة التركية السويد بالتساهل مع الجماعات التي تقول أنقرة إنها تشكل تهديدا أمنيا، بما في ذلك الجماعات الكردية والأشخاص المرتبطين بمحاولة انقلاب عام 2016.
- عدلت السويد دستورها وعززت قوانينها لمكافحة الإرهاب منذ ترشحها للانضمام إلى الناتو قبل أكثر من عام، كما قررت أيضا تسليم مواطن تركي مقيم في السويد أدين بجرائم مخدرات في تركيا عام 2013.
معالجة المخاوف التركية
من جانبه، قال مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، والمسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، إن السويد اتخذت العديد من الإجراءات خلال الأسابيع الماضية لمعالجة مخاوف تركيا ودفعها لقبول ترشحها بالحلف، وبمجرد بدء العمل بقانون مكافحة الإرهاب الجديد في السويد في يوليو المقبل، ستتغير وجهة نظر أنقرة.
وأوضح "ألبيركي" أن الأمر سيجري تسويته قبيل قمة فيلنيوس، وسط مساعي دول الحلف وعلى رأسها الولايات المتحدة لتحقيق ذلك، وبالتالي سيكون "طريق السويد واضحًا نحو الناتو".
وفي تعليقه على موقف الطلب السويدي، قال الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، إنه "تم إحراز بعض التقدم وسنواصل العمل من أجل التصديق على طلب السويد في أقرب وقت ممكن".
موافقة "على المحك"
بدوره، يعتقد مدير برنامج الأبحاث التركية بمعهد واشنطن للسياسات، سونر جاغابتاي، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن موافقة تركيا على طلب السويد لا تزال "على المحك"، مرجعًا ذلك إلى:
- لدى تركيا مخاوف أمنية مشروعة فيما يتعلق بحزب العمال الكردستاني والجماعات ذات الصلة وأنشطة جمع التبرعات والشبكات في السويد.
- كانت أنقرة تنتظر دخول قانون مكافحة الإرهاب السويدي الجديد حيز التنفيذ، وترى ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات قبل إعطاء الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى الناتو.
- الأمر الآخر أن الرئيس التركي يجيد تحويل "ما هو جيد لأردوغان إلى ما هو جيد لتركيا"، حيث أدرك أنه يستفيد بشكل كبير من صورته القوية عالميا في السياسة الداخلية، وبالتالي يرغب في استغلال ذلك لإظهار الطلب المتكرر من دولة أوروبية لقبول عضويتها بالناتو.
- تستغل أنقرة الملف في علاقاتها مع واشنطن، إذ تريد شراء طائرات إف-16 من الولايات المتحدة، وهو الملف المتعثر في الكونغرس حتى الآن، وهناك مقايضة حال موافقة تركيا يتم الموافقة على صفقة الطائرات.
- سنرى ربما مفاوضات حتى اللحظة الأخيرة في الفترة التي تسبق قمة فيلنيوس قبل حل هذه المشكلة، لكن الآن لا تزال النسبة "50-50" بشأن عضوية السويد.
أكبر تنازلات ممكنة
وحدد المحلل السياسي التركي، جواد غوك، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، موقف تركيا الراهن بشأن السويد في عدد من النقاط، قائلًا:
- الحكومة التركية تحاول أن تكسب كل ما يمكن من تنازلات من جانب السويد، لكنها في نهاية المطاف ستوافق، إذ لن تقف وحدها في وجه هذا الطلب، لأن جميع دول الحلف يسعون لضم ستوكهولم، وقدرات تركيا السياسية لا تمكنها من معارضة ذلك بشكل منفرد.
- السويد تبدأ العمل بتعديلات جديدة على قانون مكافحة الإرهاب، مع اتخاذ بعض الخطوات الجادة على الأرض خلال الأيام المقبلة، وبالتالي ستقبل تركيا طلبها.
- تصريحات أردوغان الأخيرة السلبية تجاه السويد تأتي للحصول على أكبر قدر من التنازلات، إذ سبق وفعل ذلك مع فنلندا وفي النهاية وافق على طلبها، لكنه ينتظر الخطوات التي ستُتخذ تجاه "المجموعات الإرهابية والمتطرفة".