قرن كامل في معاقل السياسة وبين دروبها قضاه السياسي الأميركي المخضرم هنري كسينجر، الذي تحل اليوم الذكرى المئوية لميلاده، إذ عاش موجات من التحولات السياسية، ومحطات تاريخية كان لاعبا بارزا فيها، دفعت لوصفه بـ"ثعلب السياسة الأميركية".
من هو كيسنجر؟
- كان هنري ألفريد كيسنجر وزيرا لخارجية الولايات المتحدة رقم 56 بين عامي 1973 حتى 1977، في فترة شهدت حرب السادس من أكتوبر، فتحرك بنشاط ليصبح اللاعب الأبرز تحت الأضواء في تلك القضية.
- تولى لأول مرة منصب مساعد الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي عام 1969، واستمر حتى 1975.
- بعد ترك الخدمة الرسمية، أسس وترأس شركة "كيسنجر أسوشيتس"، وهي شركة استشارية دولية.
- ولدكيسنجر في فويرث بألمانيا في 27 مايو 1923، قبل أن يرحل إلى الولايات المتحدة عام 1938، ثم يحصل على الجنسية الأميركية في 19 يونيو 1943.
- تولى العديد من المناصب الأكاديمية والرسمية، فبين عامي 1954 وحتى 1971، كان عضوا في هيئة التدريس بجامعة هارفارد، سواء في قسم الحكومة أو مركز الشؤون الدولية، إذ تولى منصب المدير المساعد للمركز من عام 1957 إلى عام 1960، وشغل منصب مدير دراسات الأسلحة النووية والسياسة الخارجية في مجلس العلاقات الخارجية من عام 1955 إلى عام 1956.
- كتب السياسي الأميركي المخضرم العديد من الكتب والمقالات حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة والشؤون الدولية والتاريخ الدبلوماسي.
- كان رائدا في محاولات توفيق العلاقات بين أميركا من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، كما أنه العضو الوحيد في حكومة نيكسون الذي لا يزال على قيد الحياة.
دور دولي بارز
لعب هنري كيسنجر، دورا رئيسيا في التأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة على المسرح العالمي، إذ حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1973 لدوره في محاولة التفاوض على إنهاء حرب فيتنام، واكتسب شهرة عالمية لنفوذه البراغماتي القوي في الدبلوماسية الدولية.
ووفقا لوزارة الخارجية الأميركية، قام كيسنجر، بينما كان وزيرا للخارجية، بزيارة 213 دولة أجنبية، وسافر مرة واحدة إلى 17 دولة في 18 يوما، وقضى 33 يوما متتاليا في الشرق الأوسط في عام 1973، في مفاوضات بين العرب وإسرائيل.
لكن تكتيكات كيسنجر السياسية، التي غالبا ما يتم تنفيذها في ظل السرية، لم تخل من الجدل، فبين الاحتفاء الدائم بقدراته وجهوده الدبلوماسية، ينتقد البعض مواقفه وأدواره في بعض القضايا أو كما يقولون إنه أحد "دعاة الحرب".
أسفرت استراتيجيته لتخفيف الأعمال العدائية المتزايدة مع الاتحاد السوفيتي عن محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية في عام 1969، واتفاقية "سالت" للأسلحة، ومعاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية.
كما انخرط كيسنجر مع الصين في عام 1972، مما مهد الطريق لزيارة نيكسون المحورية ولقاء الرئيس ماو تسي تونغ، وهي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس أميركي في الخدمة، البر الرئيسي للصين وينظر إليه على أنه نقطة تحول في الحرب الباردة.
حرب فيتنام
عقد 68 اجتماعا بعضها كان سريا، أدت في النهاية إلى اتفاقيات باريس للسلام.
ووفق أرشيف الخارجية الأميركية، فإن كيسنجر نصح الرئيس ريتشارد نيكسون آنذاك بضرب المناطق الحدودية بين فيتنام ولاوس، وحينها كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي، في الوقت الذي وصل عدد الضحايا لـ 600 ألف مدني بكمبوديا، ونحو 300 ألف في لاوس.
كسينجر والعرب
قاد كيسنجر ما أصبح يعرف باسم "الدبلوماسية المكوكية" خلال الصراع بين العرب وإسرائيل، والتي ساهمت في "فض الاشتباك"، بين الجيشين المصري والإسرائيلي، كما ساهم في رفع أوبك لحظرها النفطي الأميركي.
في سنوات لاحقة من حرب 1973، اشتهرت عبارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات "صديقي كيسنجر" للدلالة على توطد علاقة الدبلوماسي الأميركي في الشرق الأوسط، والذي دفع في سبيل التفاوض على هدنة بين إسرائيل والدول العربية في أعقاب الحرب، واستئناف الدبلوماسية بين أميركا ومصر.
وشرح مارتن إنديك السفير الأميركي السابق في إسرائيل، ومساعد وزير الخارجية للرئيس بيل كلينتون لشؤون الشرق الأدنى، في كتابه "سيد اللعبة، هنري كيسنجر وفن دبلوماسية الشرق الأوسط"، تفاصيل استراتيجية كيسنجر في الشرق الأوسط، موضحا أن كيسنجر كان ناجحاً في كسب ثقة العرب، وهو ما يفتقره العديد من وزراء الخارجية الذين أتوا من بعده وتعاملهم مع هيكلة عملية السلام في الشرق الأوسط، والتي يعززها دور ناشط للولايات المتحدة.