ينتظر العالم الساعات المقبلة لمعرفة مصير اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، والذي ينتهي العمل به في 18 مايو، بانتظار القرار النهائي لروسيا التي هددت أكثر من مرة بالانسحاب منه، حال عدم تلبية مطالبها بتسهيل صادراتها من الحبوب والأسمدة.
وحوصرت الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية خلال العام الماضي، ولكن سُمح بالوصول إلى ثلاثة منها في يوليو بموجب اتفاق بين موسكو وكييف توسطت فيه الأمم المتحدة وتركيا.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، إن الجهود تتواصل حالياً لتمديد اتفاق تصدير الحبوب، مشددة على أن "استمرار المبادرة أمر بالغ الأهمية.. سنواصل دعوة الجميع للوفاء بمسؤولياتهم بينما يراقبنا العالم عن كثب".
وكشف الأمم المتحدة أن السفينتين الأخيرتين ستغادران الموانئ الأوكرانية، الثلاثاء، بموجب الاتفاق السابق.
وعقد أطراف الاتفاق اجتماعاً بشأن مستقبله الأسبوع الماضي في إسطنبول، بيد أن موسكو لم تعط "الضوء الأخضر" على مستقبل هذا الاتفاق، الذي يضع العالم آمالًا عليه لتجنب حدوث أزمة غذاء.
تفاصيل اتفاق الحبوب
- تنبع مبادرة حبوب البحر الأسود، وهي التسمية الرسمية للاتفاقية الخاصة بصادرات الحبوب من الموانئ الأوكرانية، من اتفاقية أبرمت في 22 يوليو الماضي بين روسيا والأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا.
- ساعدت تلك المبادرة في التخفيف من حدة أزمة الغذاء العالمي جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
- بموجب الاتفاق، يجري تفتيش السفن المتجهة إلى أوكرانيا والقادمة منها في المياه التركية، وتعمل الأطراف الأربعة معاً للموافقة على السفن التي تبحر بموجب الاتفاقية وتفتيشها.
- أتاح الاتفاق تصدير حوالي 30 مليون طن متري من الحبوب والمواد الغذائية من أوكرانيا بموجب الصفقة، بعد أن منعت الحرب خروج السفن من الموانئ الأوكرانية.
- قالت الأمم المتحدة أيضا إن الاتفاق ساعد في خفض الأسعار العالمية، بنحو 20 بالمئة عن العام الماضي، علاوة على ذلك، وصلت أسعار القمح إلى أدنى مستوى لها منذ يوليو 2021.
- تشمل مطالب روسيا إعادة تشغيل خط أنابيب ينقل الأمونيا الروسية إلى ميناء أوكراني على البحر الأسود ، وهو ما تضغط الأمم المتحدة من أجله.
- في حين أن الصادرات الروسية من المواد الغذائية والأسمدة لا تخضع للعقوبات الغربية المفروضة بعد غزو أوكرانيا في فبراير 2022، تقول موسكو إن القيود المفروضة على المدفوعات والخدمات اللوجستية والتأمين مثلت حاجزا أمام الشحنات.
انتظار "القرار السياسي"
ونقلت وكالة "تاس" الروسية عن مصدر مطلع على المفاوضات قوله، إن مسألة تمديد اتفاق الحبوب يتم حلها على "المستوى السياسي" في هذه المرحلة، مضيفا أنه من المرجح التوصل إلى اتفاق.
وقال المصدر للوكالة الروسية: "في الواقع تم إنجاز مفاوضات تمديد الاتفاق على المستوى الفني، لكن يتم حل القضية حاليا على المستوى السياسي، وهناك فرصة جيدة لتمديد الاتفاقات".
بدوره، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، للصحفيين، إن موسكو لم تقرر بعد تمديد اتفاق تصدير الحبوب مع أوكرانيا إذ أن "هناك الكثير من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها فيما يتعلق بالجزء الخاص بنا من الصفقة".
لكنه عاد للتأكيد على أن بلاده "الآن عليها اتخاذ قرار".
طريق صعب للاتفاق
من جانبه، حدد الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، أبوبكر الديب، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، مستقبل اتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا في عدد من النقاط، قائلًا:
* هذا الاتفاق يسير في طريق متعسر منذ ولادته في يوليو من العام الماضي، بعدما توسطت الأمم المتحدة وتركيا لإقراره وتوريد الحبوب من أكبر بلاد العالم تصديرًا وهي أوكرانيا.
* اتفاق الحبوب ساهم في توصيل الحبوب والغذاء للعديد من دول العالم وخاصة الدول الأفريقيا، إذ تسببت الحرب في مأزق إنساني وأزمة غذاء، حيث تعرض نحو 170 مليون إنسان لخطر المجاعة وانعدام الغذاء جراء توقف الحبوب من أوكرانيا عقب اندلاع الحرب.
* مع إبرام الاتفاق تمكنت روسيا وقتها من تسيير صادراتها الزراعية للخارج، لكن بمرور الأيام اشتدت العقوبات الغربية على جميع مناحي الحياة الاقتصادية في موسكو، مما هدد اقتصادها وأضر صادراتها.
* كل العوامل التي أتبعت العقوبات، جعلت روسيا تتردد في استكمال الاتفاق، مما جعل المفاوضات صعبة وشاقة.
* آخر سفينة تنطلق من روسيا مساء اليوم، والعالم يضع يده على قلبه؛ لأنه حال انسحاب روسيا سيعود العالم لخطر أزمة الغذاء مجددًا، لكن الأمم المتحدة تجري مفاوضات مهمة مع جميع الأطراف في محاولة لتمديد اتفاق الحبوب.