ربما لا يتمتع بشخصية كاريزمية مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكن كمال كليتشدار أوغلو صاحب الحضور الهادئ متفائل بشأن فرصه في الفوز على أردوغان في الانتخابات التي تجري الأحد. ويرى أن تركيا على موعد مع ربيع جديد.

وبعدما ظل متواريا لفترة طويلة خلف ظل أردوغان وحزبه، لمع نجم كليتشدار أوغلو خلال الحملة الانتخابية. وتظهر استطلاعات الرأي تقدمه بفارق ضئيل.

وقال لرويترز في مقابلة بمكتبه في أنقرة، قبل يومين من الانتخابات التي يعتبرها كثيرون الأهم في تاريخ تركيا الحديث:"أطالب الجميع بالتزام الهدوء وأن يتذكروا أننا نحمل ربيعا لهذا البلد".

وتابع في رسالة لأنصاره: "إياكم والتشاؤم.. وتذكروا أننا سنقصي حكما استبداديا بالأصوات التي ندلي بها".

وتعهد بوضع تركيا، ثاني أكبر دولة في أوروبا، على مسار جديد والتخلص من الكثير من إرث أردوغان.

لكن الأولوية القصوى لكليتشدار أوغلو هي العودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية ونظام الحكم البرلماني، واستعادة استقلال القضاء.

كمال كيليجدار أوغلو.. من هو؟

وقال في المقابلة: "نحتاج إلى تكليف شخص تثق به الدوائر المالية بمنصب رئيس البنك المركزي. هذا هو أول ما يراقبه المستثمرون الأجانب. وإلى جانب ذلك، سنضمن استقلالية البنك المركزي".

وأضاف: "نشكل فرقا من المتميزين في كل الأقسام. من السياسة إلى الاقتصاد ومن التعليم إلى الثقافة. سنحكم البلاد بالكوادر الأكثر كفاءة".

أزمة تكلفة المعيشة

تهدف خطته إلى احتواء التضخم الذي وصل إلى 85 بالمئة العام الماضي، وحل أزمة غلاء المعيشة التي أثقلت كاهل كثير من الأتراك.

واختار تحالف من ستة أحزاب معارضة الموظف المدني السابق الجاد والمشاكس أحيانا مرشحا له لينافس أردوغان في انتخابات اليوم الأحد.

وتظهر استطلاعات الرأي أن كليتشدار أوغلو (74 عاما) يتفوق على أردوغان وربما يفوز عليه في جولة ثانية من التصويت، بعد حملة شاملة تعد بحلول لأزمة ارتفاع تكلفة المعيشة التي أدت إلى تآكل شعبية الرئيس في السنوات الأخيرة.

وقال كليتشدار أوغلو خلال مؤتمر انتخابي حاشد: "أعرف أن الناس يناضلون من أجل تدبر أمورهم. أعرف تكلفة المعيشة ويأس الشبان.. لقد حان وقت التغيير. من الضروري وجود روح جديدة وفهم جديد".

صورة معاكسة لأردوغان

ويقول منتقدون إن كليتشدار أوغلو، الذي سخر منه أردوغان بعد هزائمه الانتخابية المتكررة كرئيس لحزب الشعب الجمهوري، يفتقر إلى قدرة خصمه على حشد الجماهير وكذلك القدرة على الهيمنة حتى يتسنى له قيادة تحالفه بعد الانتخابات.

وقال بيرول باشكان، وهو كاتب ومحلل سياسي مقيم في تركيا، إن أوغلو "يرسم صورة معاكسة تماما لأردوغان، الذي يعد شخصية مستقطبة ومقاتلة".

وأضاف: "كليتشدار أوغلو يبدو أكثر كرجل دولة يسعى للوحدة والوصول إلى أولئك الذين لا يصوتون له... هذا هو سحره، ومن الصعب جدا القيام بذلك في تركيا... لست متأكدا من أنه سيفوز لكنه الشخص المناسب في الوقت المناسب".

وحتى لو انتصر، يواجه كليتشدار أوغلو تحديات تتمثل في الحفاظ على وحدة تحالف للمعارضة يضم قوميين وإسلاميين وعلمانيين وليبراليين.

وجاء اختياره مرشحا بعد خلاف استمر 72 ساعة انسحبت فيه لفترة وجيزة ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح، ثاني أكبر حزب في البلاد.

سياسة خارجية تجنح للسلام

هذا ويرى كليتشدار أوغلو أن المشكلة الأساسية للسياسة الخارجية التركية خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية كانت استبعاد وزارة الخارجية من عملية صنع السياسة.

وقال: "سننتهج سياسة خارجية تجنح للسلام وتعطي الأولوية للمصالح الوطنية لتركيا. أولويتنا هي مصالحنا الوطنية والعمل بما يتوافق مع قواعد العالم الحديث".

أخبار ذات صلة

هل تهدد أزمة غلاء المعيشة في تركيا إعادة انتخاب أردوغان؟
انتخابات 2023.. أردوغان وكليتشدار أوغلو يخاطبان الأتراك

كليتشدار أوغلو.. خبير اقتصادي

عمل كليتشدار أوغلو قبل دخوله عالم السياسة في وزارة المالية، ثم كان رئيسا لمؤسسة التأمين الاجتماعي التركية خلال معظم فترة التسعينيات. وانتقص أردوغان في خطاباته مرارا من أداء كليتشدار أوغلو عندما كان في ذلك المنصب.

وكان كمال خبيرا اقتصاديا وأصبح نائبا في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري في عام 2002، عندما وصل حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى السلطة لأول مرة. وحزب الشعب الجمهوري المنتمي ليسار الوسط هو حزب أنشأه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك وناضل حتى يتجاوز أصوله العلمانية ويقترب من المحافظين.

وتحدث كليتشدار أوغلو خلال السنوات الماضية عن الرغبة في مداواة الجروح القديمة مع المسلمين المتدينين والأكراد.

وصعد كليتشدار أوغلو إلى الصدارة باعتباره مناهضا للكسب غير المشروع، وظهر على شاشة التلفزيون ملوحا بملفات أدت إلى استقالات لمسؤولين رفيعي المستوى. وبعد مرور عام على خسارته سباقا على رئاسة بلدية إسطنبول، تم انتخابه دون أي منافسة زعيما للحزب في عام 2010.

وولد كليتشدار أوغلو في إقليم تونغلي في شرق البلاد، وهو من العلويين.

ويطلق عليه الإعلام المحلي لقب "غاندي تركيا" لشبهه به بسبب نظارته الطبية ومظهره البسيط.

ونال استحسانا كبيرا من الناس في عام2017 عندما أطلق "مسيرة من أجل العدالة" لمسافة 450 كيلومترا من أنقرة إلى إسطنبول بسبب اعتقال نائب من حزب الشعب الجمهوري.