أعلنت روسيا الانسحاب من معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا، في وقت تحتدم فيه المعارك بمدينة باخموت، شرقي أوكرانيا، التي تعد هدفا رئيسيا للهجوم الذي شنته موسكو في الشتاء، ومسرحا لأشد المعارك البرية دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

المعاهدة جرى التفاوض بشأنها والتصديق عليها خلال السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، وهدفت إلى وضع حدود شاملة على فئات رئيسية من المعدات العسكرية التقليدية في أوروبا من المحيط الأطلسي إلى جبال الأورال، وألزمت بتدمير كميات الأسلحة الزائدة عن حدود الاتفاقية.

في قراره الرسمي، الأربعاء، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، تعيين نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، ممثلا رسميا له خلال النظر في مسألة الانسحاب من المعاهدة الموقعة في باريس.

وفق خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن المعاهدة ولدت ميتة في الأساس، لكن انسحاب روسيا رسميا جاء للرد على التوسع العسكري لحلف الناتو بأوروبا الشرقية والمساعدات العسكرية الأميركية التي لا تتوقف لكييف بهدف استنزاف موسكو.

القرار الروسي بالتوجه نحو الانسحاب من تلك المعاهدة يأتي بعد أسابيع على إعلان بوتن في 21 فبراير الماضي، تعليق مشاركة روسيا في معاهدة الأسلحة الهجومية الاستراتيجية "ستارت".

ما هي تلك المعاهدة؟

  • وُقعت في 19 نوفمبر 1990 لوضع حد أقصى لحجم القوات العسكرية التقليدية، التي يتم حشدها في شرق أوروبا.
  • شملت حلف شمال الأطلسي "الناتو" من جهة، وحلف "وارسو" بقيادة الاتحاد السوفيتي من جهة أخرى، حسبما ذكر موقع الموسوعة البريطانية "بريتانيكا".
  • تضم 30 دولة.
  • دخلت حيز التنفيذ نوفمبر 1992.
  • تم تحديثها واعتماد نسخة محدثة منها عام، وصدّقت على النسخة الجديدة 4 دول فقط من الـ30 دولة، وهي روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأوكرانيا.

ما هي أبرز شروط المعاهدة؟

تضمنت عدة شروط للحد من حجم الدبابات والمدافع والطائرات والأسلحة التقليدية:

  • الدبابات: الحد الأقصى الذي يمكن لكل طرف حشده لا يجب أن يتجاوز 20 ألف دبابة، بينها 16 ألفا و500 دبابة فقط في وحدات قتالية.
  • المركبات المدرعة: الحد 30 ألف مدرعة.
  • المدفعية: الحد الأقصى 20 ألف مدفع في كل جهة، ولا يتجاوز عدد المدافع في جبهات القتال 17 ألف مدفع.
  • الطائرات المقاتلة: الحد الأقصى 6800 طائرة.
  • المروحيات الهجومية: الحد الأقصى 2000 طائرة.

أخبار ذات صلة

الكرملين وفاغنر.. صراع يثير تساؤلات بشأن العلاقة بينهما
بوتين في "يوم النصر": الغرب يريد تدمير روسيا
أوكرانيا تتقرب من الغرب بتعديل موعد "يوم النصر" على النازية
روسيا تعزز وجودها العسكري في قرغيزستان وتلاحق نفوذ واشنطن

ما الدول الأعضاء في الاتفاقية؟

وفق موقع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ضمت الاتفاقية عشرات الدول بينها:

  • روسيا.
  • أميركا.
  • بريطانيا.
  • فرنسا، وبلجيكا، وبولندا، والدنمارك، ألمانيا، تركيا، وهولندا وأخيرا إيطاليا.

بما رد حلف الناتو؟

من جهته، رد حلف الناتو، الأربعاء، بخطط جديدة للدفاع عن أراضي دوله الأعضاء.

  • أعلن كريستوفر كافولي، القائد العام لقوات الحلف، أن الحلف يطور خططا عسكرية جديدة واسعة النطاق للدفاع عن كل شبر من أراضي دوله.
  • كافولي، تحدث خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع اللجنة العسكرية للحلف، عن أن "الوقائع السياسية الجديدة تتطلب إعادة توجيه مهام الحلف من عمليات إدارة الأزمات خارج منطقة مسؤولية الناتو إلى العمليات العسكرية واسعة النطاق، للدفاع عن كل شبر من أراضيه".
  • خطط الحلف الإقليمية الجديدة ذات مرجعية جغرافية، وهي موجهة لحماية مناطق محددة تابعة لدول الحلف، ونسعى إلى تحسين قدرتنا على نشر قواتنا في المكان والزمان المناسبين، وفق كافولي.
  • رئيس اللجنة العسكرية لحلف "الناتو" الأميرال روب باور، أكد أن الخطط العسكرية الجديدة للحلف "ستتطلب نشر قوات جديدة بدرجة جاهزية عالية".

لماذا لجأت روسيا للقرار؟

وفق الخبراء فإن تلك المعاهدة، التي وضعت أثناء وجود حلف وارسو "عفا عليها الزمن ولم تعد متوافقة مع الواقع الحالي خاصة بعد الحرب الأوكرانية".

قال الخبير العسكري الروسي فلاديمير إيغور، إن موسكو أبدت أكثر من مرة رغبتها لإجراء مفاوضات لصياغة اتفاقية جديدة للرقابة على الأسلحة التقليدية، لكنها لم ترَ أي خطوات مماثلة من قبل الغرب.

  • رفض الناتو التخلي عن التوسع العسكري بأوروبا وانسحاب واشنطن من عدد من الاتفاقات المهمة في مجال الحد من الأسلحة والرقابة عليها، وصولا إلى الدعم اللامتناهي لأوكرانيا ضد روسيا، كل ذلك أدى لتدهور العلاقات.
  • ما يحدث بشأن أزمة أوكرانيا حرب بالوكالة يخوضها الغرب ضد روسيا، لا سيما في ظل نشر قوات إضافية للحلف في أوروبا وقرب الحدود الروسية وضخ كميات هائلة من الأسلحة إلى أوكرانيا، ما دفع موسكو لنبذ الاتفاقات السابقة التي لم تعد تخدم المصالح الأمنية للدولة الروسية.

أما الخبير العسكري الروسي سيرغي ليونكوف، فيقول إن الغرب وتدخله في حرب أوكرانيا بشكل مباشر ومحاولة استهداف الرئيس الروسي بمسيرتين فوق الكرملين أخل بكل الاتفاقيات الموقعة مع موسكو، مشيرا إلى أن "الانسحاب قد يتيح لروسيا نشر قوات أكبر بشأن أوكرانيا وتعزيز وجودها العسكري في بعض بلدان أوروبا الشرقية ردا على توسع الناتو".

أضاف: "الاتفاقية فقدت الصلة بالواقع، وهي ولدت ميتة، وقيام الحلف بتعزيز الجبهة الشرقية أدى إلى تدهور الوضع الأمني بالمنطقة بشكل خطير".

وفق ليونكوف فإن الناتو:

  • يمارس نهجا لتقويض روسيا وتغيير موازين القوى في أوروبا لصالحه.
  • الولايات المتحدة والناتو يهدفان إلى زيادة وجودهما ونشاطهما العسكري بأوروبا الشرقية.
  • الحلف هدفه من الاتفاقيات الحصول على معلومات أكثر حول الجيش الروسي.