رغم الدعم السخي من جانب بولندا لجارتها أوكرانيا في الحرب المستمرة مع روسيا لعامها الثاني؛ اتخذت وارسو قرارا بحظر استيراد الحبوب والمنتجات الزراعية الأخرى من أوكرانيا، لحماية إنتاجهما المحلي من الحاصلات؛ وهو إجراء وصفه الاتحاد الأوروبي بـ"الأحادي وغير المقبول، وخرق محتمل لوحدة الصف".
ويرى متخصصون وخبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك "تحركات لوارسو في ظاهرها مساندة لكييف، لكنها خطوات شديدة الأهمية نحو احتمالات عودة بولندا لسابق طموحاتها"، باستعادة أراضيها في غرب أوكرانيا التي اقتطعها الاتحاد السوفييتي بموجب نتائج الحرب العالمية الثانية.. فما هي خطط بولندا؟.
إجراءات بولندية
ويقول الباحث في العلاقات الروسية الأوروبية، باسل الحاج جاسم، إنه "رغم احتلال بولندا المركز الأول في (تصنيف أصدقاء أوكرانيا) حسب مجلة )فوربس( الأميركية، فإن التحركات البولندية الأخيرة ألقت الضوء مجددا على أسباب وحقائق أخرى عن التواجد البولندي المساند لقوات أوكرانيا في حربها ضد الروس".
ويشير إلى أن بولندا "تارة تستقبل بولندا إمدادات الأسلحة الغربية عبر أراضيها، تمهيدا لدخولها الجارة الأوكرانية، وآخرها 8 دبابات كندية من طراز "ليوبارد-2".
وتارة أخرى، تتخذ بولندا إجراءات قد تكون معاكسة، والتي يسلط جاسم الضوء عليها خلال تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، قائلا إنها تشمل:
- إدخال كتيبة نسائية، والانتشار في جميع مناطق الغرب الأوكراني تحت ستار تنظيم الأمن .
- تجنيد ما يقرب من 1800 متطوع بولندي داخل أوكرانيا، حسب المخابرات البريطانية.
- تغلغل قادة عسكريين بولنديين في جميع أجنحة وأسلحة الجيش الأوكراني.
- منح البولنديين حرية الحركة ودخول الأراضي الأوكرانية والعمل دون تأشيرات أو تشريعات قانونية.
ويوضح الباحث في العلاقات الروسية الأوروبية:
- أبرز القرارات التي اتخذتها وارسو أيضا "تغيير السلطات البولندية مقاسات قضبان السكك الحديدية الأوكرانية، لتيسير سير القاطرات حاملة الأسلحة للداخل الأوكراني".
- "لكن الطموحات غير المعلنة تشير إلى ربط الأراضي البولندية ومناطق غرب أوكرانيا وكييف بسبل المواصلات السريعة، التي تتيح تدفق الحركة إلى هذه المناطق مع حلول نهاية العام الحالي".
العودة إلى "الحلم التاريخي"
من جانبه، يرى الباحث في الشؤون الروسية بمركز "الوشم الأوسط" للدراسات، رازفوجيف أولكسندر، أن "طموحات العودة للحلم التاريخي، بربط بحر البلطيق في الشمال مع البحر الأسود وميناء أوديسا على ضفافه جنوبا، هو المحرك الأساسي للدعم البولندي إلى أوكرانيا". ويضيف:
- "بمعنى أدق، هذا ضم ناعم لأراضي الغرب الأوكراني".
- "الحرب في أوكرانيا تعد فرصة كبيرة لبولندا لاستعادة دورها كلاعب أساسي في شرق أوروبا، والذي خسرته منذ نحو 3 قرون عندما سيطرت في القرن 17 على معظم أوكرانيا الحالية".
إجراءات للضم
- تسرّع وارسو من استعداداتها لضم أراضي لفوف وإيفانو فرانكيفسك، ومعها معظم مناطق ترنوبل غربي أوكرانيا.
- في يونيو الماضي، كشفت المخابرات الروسية عما أسمته "خطة بولندا للسيطرة على الغرب الأوكراني"، عن طريق مرحلتين: الأولى هي دخول قوات إلى المناطق الغربية من أوكرانيا تحت شعار التصدي للهجوم الروسي.
- المرحلة الثانية هي نشر ما يسمى بـ"وحدة حفظ السلام" في تلك المناطق، وابتلاع المنشآت الاستراتيجية بالكامل.
المصلحة الاقتصادية أولا
وفيما يتعلق بلغة الاقتصاد في العلاقات البولندية الأوكرانية الراهنة، يقول الباحث الاقتصادي أبوبكر الديب في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية":
- "بولندا شأنها شأن الكثير من الدول الغربية التي تضررت اقتصاديا من كلفة الحرب الروسية وفاتورتها المرهقة، فضلا عن كونها من الدول التي لها مصالح كبيرة مع روسيا، كما هي مصالحها مع الغرب الأوروبي".
- "حسب إحصاءات دائرة الحدود البولندية، فقد بلغ عدد الأوكرانيين الذين عبروا الحدود منذ 24 فبراير 2022 ما يزيد على 9 ملايين أوكراني، استقر منهم ما يقرب من مليون ونصف المليون بصفة (لاجئ أوكراني) داخل الأراضي البولندية".
- "دفع هذا البولنديين لاتخاذ عدد من القرارات في أول مارس الماضي، ذات دلالة، دون النظر إلى الغضب الأوروبي أو اللوم الأميركي المتوقع.
وتشمل هذه القرارات:
- حظر استيراد الحبوب والألبان وعدد من المنتجات من أوكرانيا لحماية إنتاجها المحلي.
- إلزام اللاجئين من أوكرانيا دفع نصف تكلفة السكن والتخلي عن اتجاه الاستضافة بالمجان.
- إلغاء قرارات منحهم الإعاشة المجانية ومجانية المواصلات العامة والإعانة المالية.
ومن المقرر أيضا رفع النسبة التي سيتوجب على الأوكرانيين دفعها في حال مدهم فترة الإقامة من 120 إلى 180 يوما، من 50 إلى 75 بالمئة من كلفة المعيشة، اعتبارا من مايو المقبل.