تبنى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية لبلاده، عنوانها الأبرز "واشنطن عدو موسكو الأول"، وجاء في نص الوثيقة التي حددت ملامح علاقات روسيا الخارجية "المسار الأميركي هو المصدر الرئيسي للسياسة المعادية لروسيا والمخاطر على أمنها، والسلام الدولي القائم على التوازن والتنمية العادلة للبشرية".
استراتيجية خارجية وصفها خبير في السياسة الدولية من موسكو، بالكسر الفعلي لعالم أحادي القطبية و الهيمنة الأميركية، بينما يراها باحث أوكراني إنها مناورة من موسكو لكسر التحالف الدولي "واشنطن وأوروبا" حول كييف، وذلك خلال حديثهما لموقع "سكاي نيوز عربية".
مصدر العداء
جاء الإعلان عن السياسة الخارجية الروسية في ظل تصاعد التوتر الحاد بين موسكو وواشنطن، وهنا يقول آصف ملحم، مدير مركز "جي سي إم" للدراسات، ومقره موسكو، إن تلك الاستراتيجية، أو الوثيقة تنفيذ فعلي لكسر عالم أحادي القطبية وبدء عالم متعدد الأقطاب دون هيمنة سياسة أو اقتصادية من قوى واحدة والمقصد هنا "واشنطن".
وأضاف ملحم أن الوثيقة تعطي روسيا أولوية لتعميق العلاقات والتنسيق مع الصين والهند والشرق الأوسط، بخلاف أن الهدف الرئيسي في البلدان المجاورة هو تحويلها إلى منطقة سلام وحسن جوار وازدهار.
وأكد مدير مركز "جي سي إم" للدراسات، أن تحركات واشنطن على مدار عام كامل تجاه الأزمة الأوكرانية بل وقبلها من عسكرة للحدود الروسية وضخ أسلحة لكييف يثبت نوايا واشنطن تجاه موسكو والتي تمثل القوى الوحيدة القادرة على كسر هيمنه واشنطن على العالم.
محطات السياسة الخارجية الروسية
وهنا فند ملحم أبرز محطات السياسة الخارجية الروسية، حيث تم إقرار هذا المفهوم للمرة الأولى في عام 1993، وتمحورت وقتها حول: (إقامة علاقات إيجابية مستقرة مع الدول المجاورة من أجل التغلب على عمليات التفكك المزعزعة للاستقرار على أراضي الاتحاد السوفيتي السابق).
- عام 2000، أقر الرئيس بوتين أنذاك المفهوم الجديد، وتمحورت وقتها حول: (تعزيز اتحاد روسيا و بيلاروسيا)
- عام 2008، تم إقرار المفهوم الجديد من قبل الرئيس ديمتري ميدفيديف، وفيها تمت الإشارة بوضوح إلى (احتمال أن يفقد الغرب احتكاره لعمليات العولمة) ، و إلى أن (روسيا هي أكبر قوة أوراسية)
- وثيقة عام 2013، فتمت الإشارة فيها إلى (تقليل فرص الغرب في السيطرة على الاقتصاد والسياسة العالميين)
- عام 2016، تضمن الوثيقة 11 مهمة في السياسة الخارجية الروسية، تتمحور حول حماية سيادة وسلامة أراضي البلاد.
أصدر الرئيس فلاديمير بوتين تعليماته حول الوثيقة التي أطلقها يوم الجمعة، منذ 2022 بوضع اللمسات الأخيرة عليها مع مراعاة الحقائق و الوقائع الجديدة وكانت أبرز نقاطها:
- روسيا لا تعتبر نفسها عدواً للغرب ولا تعزل نفسها عنه، وليس لديها نوايا عدائية تجاهه.
- تراهن موسكو على الإدراك الواعي للدول الغربية بعدم جدوى المواجهة والعودة إلى التأثر المتكافئ.
- تعتبر روسيا أن سياسة واشنطن هو المصدر الرئيسي للمخاطر على أمنها والسلام الدولي.
- يجب إعطاء الأولوية للقضاء على منابع (أسس، مبادئ) هيمنة الولايات المتحدة في العالم.
- تسعى موسكو جاهدة لضمان الأمن بشكل متكافئ لجميع البلدان انطلاقاً من مبدأ المعاملة بالمثل.
الوقيعة هي الهدف
في الجانب الأوكراني، يرى واتلينغ كودراخيين، المتخصص في الشؤون الدولية بالجامعة الوطنية أوديسا، أنها لا تحمل جديد، فروسيا تكن بالعداء لأميركا بالفعل، ولكن الملف محاولة إرسال تطمينات للغرب، على الرغم من وصف الغرب سابقًا بالعدو اللدود لروسيا.
وأوضح واتلينغ كودراخيين، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن موسكو تحاول كسر التحالف الدولي ضدها من جانب واشنطن والغرب، حتى يتوقف الغرب من دعم كييف والرهان على الظروف الاقتصادية، بخلاف ضمان ضغط الغرب على أوكرانيا للقبول بأي صيغة سلام، أو بمعنى أدق صيغة سلام بحسب الشروط الروسية.
ووافق بوتين، على الصياغة الجديدة لمفهوم السياسة الخارجية الروسية خلال الاجتماع مع الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن الروسي، مشدداً على أن التغييرات الجذرية التي طرأت على الحياة الدولية قد تطلبت من قيادة البلاد إدخال تعديلات جدية على محتويات الوثائق المحورية للتخطيط الاستراتيجي، بما فيه مفهوم السياسة الخارجية لروسيا للاتحادية.