جاء تصويت البرلمان التركي على طلب فنلندا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ليُمهد الطريق أمام الدولة الاسكندنافية للانضمام إلى الحلف، في الوقت الذي تواجه جارتها السويد العديد من العقبات لاتخاذ قرار مُماثل، إزاء رفض تركيا وهنغاريا الموافقة على تلك الخطوة إلى الآن.
وعلى الرغم من ذلك، قال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، إنه لا يزال من الممكن أن تصبح السويد عضوا في الناتو بحلول الصيف، بعد انتخابات الرئاسة التركية التي تجرى في مايو المقبل.
وتقدمت هلسنكي وستوكهولم للانضمام إلى الناتو معا في العام الماضي في أعقاب العملية الروسية العسكرية بأوكرانيا، لكن مصيرهما تباعد بعد أن صادقت تركيا على طلب فنلندا، بينما أجلت النظر في الطلب السويدي، إثر نزاع طويل الأمد بشأن ما تراه أنقرة دعما للجماعات الكردية، وكذلك القيود المفروضة على صادرات الأسلحة.
ويشترط الناتو موافقة جميع الدول الثلاثين الأعضاء في الحلف لإضافة أعضاء جدد.
في وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده لن تدعم عضوية السويد حتى يرى المزيد من "الخطوات الملموسة" بشأن ما وصفه برفض ستوكهولم تسليم "الإرهابيين" التابعين لحزب العمال الكردستاني، في حين يقول مسؤولو الناتو إن السويد قد التزمت بشروط اتفاق سابق بشأن هذه المسألة.
في غضون ذلك، دخلت هنغاريا على خط المعركة، وصدقت على طلب فنلندا لكنها قالت أيضا إنها ترفض طلب السويد.
محطات بين تركيا والسويد
- في 2022، وقعت السويد وفنلندا اتفاقا مع تركيا بهدف معالجة أوجه الاعتراض على عضويتهما في الحلف.
- أكدت أنقرة أن فنلندا والسويد ستحظران نشاطات التجنيد وجمع الأموال للمسلحين الأكراد وكذلك حظر الدعاية الإرهابية ضد تركيا، كما تعهدتا بإظهار التضامن والدعم مع أنقرة في الحرب ضد الإرهاب بكل أشكاله، كما قبلتا بعدم فرض قيود على الصناعات الدفاعية.
- ديسمبر الماضي، عبرت تركيا عن خيبة أملها من قرار محكمة سويدية عليا بوقف طلب تسليم صحفي من أنصار رجل الدين فتح الله غولن الذي تحمله تركيا المسؤولية عن محاولة انقلاب فاشلة في 2016.
- جاءت واقعة حرق المصحف أواخر يناير الماضي أمام سفارة أنقرة لتفاقم الأزمة بين الجانبين.
- اشترط الرئيس التركي على السويد تسليم 130 مطلوبا إلى أنقرة حتى تصادق على عضويتها في الحلف العسكري.
أسباب الخلاف
وبشأن أسباب الموقف التركي من السويد، أوضح الخبير المختص بالشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات، كرم سعيد في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إن ذلك يرتبط بعدة أسباب، تشمل:
- رفض السويد تسليم عناصر مطلوبة للقضاء التركي سواء منتمين لحزب العمال الكردستاني أو جماعة فتح الله غولن.
- برغم رفع السويد قرار حظر تصدير السلاح إلى تركيا، لكن يبدو أن هذا القرار ما زال قيد التنفيذ.
- تركيا تستخدم ورقة السويد في إطار محاولاتها لتحييد الضغوط الغربية عليها في القضايا والملفات الخلافية سواء في الملف السوري أو التضييق على تحركاتها في مناطق نفوذها وبالتالي تسعي لتعزيز ضغوطها على القوى الغربية لتحقيق جانب من مصالحها.
- الأمر كذلك مرتبط بملف داخلي يتمثل في اقتراب تركيا من الانتخابات الرئاسية منتصف مايو المقبل، والتي تعد الأهم في تاريخ الدولة التركية، حيث يسعى حزب العدالة والتنمية لضمان فوزه بالانتخابات، وبالتالي جرى تحويل ملف السويد إلى قضية قومية مهمة لحشد القواعد الانتخابية الداعمة للحزب وإثبات قدرة أنقرة على التأثير في السياسات الدولية.
- رفض عضوية السويد والموافقة على طلب فنلندا يحمل مؤشرات مهمة للداخل التركي أن البلاد لديها القدرة على أن تكون رقما صعبا في حلف الناتو.
- تركيا على المدى القصير ستواصل الرفض لحين تحقيق جانب مهم من مصالحها على الأقل فيما يتعلق بتسليم العناصر المطلوبة ورفع كافة القيود على تصدير السلاح.
استجابة بنهاية المطاف
وعلى الرغم من الرفض التركي الراهن لطلب السويد، يعتقد مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن المسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، أن "أنقرة ستخضع في نهاية المطاف لضغوط الحلفاء، وسيتم تسوية العضوية في الوقت المناسب لقمة حلف الناتو في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا (يوليو المقبل)".
وقال "ألبيركي" في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الموافقة التركية تتوقف على أمرين، على رأسها قائمة رغبات تركيا من المعدات العسكرية من الولايات المتحدة خاصة صفقة طائرات "إف - 16"، إضافة إلى موقف الانتخابات التركية المقبلة.
وشدد على أن الإصرار على الوقوف في وجه طلب السويد "سيضر بشكل لا رجعة فيه بالمصالح التركية، ولا أعتقد أنهم سيفعلون".