تستعين القوات الأوكرانية بخدعة استراتيجية استخدمها الحلفاء في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وأدّت في الأخيرة لهزيمة الجيش الألماني في معركة نورماندي، أملا في تعويض فارق التسليح بينها وبين روسيا.
الخدعة الاستراتيجية تعتمد على استنزاف القوات المعادية من خلال أسلحة مزيفة على الأرض من الخشب والمطاط، وتسعى كييف إلى الحفاظ على جبهة الجنوب قدر المستطاع لينطلق منها هجومها المعاكس الذي تخطط له خلال شهرين ضد موسكو.
أرسلت كييف بالفعل مجسمات مطاطية من الدبابات الغربية والمدرعات الأميركية، بخلاف منصات صواريخ هيمارس، حسب مسؤول عسكري أوكراني، بينما يرى خبير عسكري روسي أن تلك الخدعة لن تُفيد في الوقت الحالي من المعارك، حسبما جاء في حديثيهما لموقع "سكاي نيوز عربية".
فهل تنجح أوكرانيا في تحويل مسار المعارك كما حدث مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية؟
أوكرانيا وسيناريو هتلر
عام 1944، أنتج الحلفاء في الحرب العالمية الثانية أعدادا كبيرة من الطائرات والدبابات المطاطية المزيّفة القابلة للنفخ؛ لتضليل طائرات الاستطلاع الألمانية في منطقة بعيدة عن منطقة العمليات الحقيقية "شواطئ نورماندي".
بتلك الخطة نجح الحلفاء بقيادة واشنطن ولندن آنذاك في إنزال 135 ألف جندي بنورماندي ليصنعوا بذلك رأس الجسر التي سمحت لهم خلال أسبوع واحد بإنزال أكثر من ربع مليون جندي، و50 ألف عربة وآلية عسكرية، و100 ألف طن من المعدات العسكرية الأخرى.
حول استفادة كييف من خطة الخداع، يقول سفياتوسلاف بودولاك، مسؤول عسكري أوكراني في جبهة دونباس الشرقية، إن الخطة أتت ثمارها بالفعل في معارك الروس، بالأخص في الجنوب، حيث أعطت الخدعة الفرصة لكييف لتحافظ على الأسلحة الغربية، وبالأخص منصات الدفاع الجوي والصواريخ العام الماضي.
وفق بودولاك، فإن من ثمار عملية الخداع:
- استنزاف الذخيرة الروسية، وبالأخص الصواريخ وفشلها في اختراق الدفاعات.
- أسهمت في الحفاظ على تغطية مدفعية قوية للمشاة الأوكرانية.
- الحفاظ على السلاح الأوكراني في ظل تأخر تسليم الشحنات من الغرب أو قطع القوات الروسية لخطوط الإمدادات.
- الطقس الفترة الماضية أسهم في نجاح تلك الخدعة بشكل كبير.
في وقت سابق، أعلنت التشيك التي تُعد رائدة في صناعة الفخاخ العسكرية والمجسمات، أنها قدّمت لأوكرانيا مساعدة عسكرية تبلغ قيمتها نصف مليار دولار منذ بداية الحرب، شملت مجسمات لأسلحة غربية وقاذفات صواريخ "هيمارس" مزيفة.
تكلف الفخاخ العسكرية القابلة للنفخ ما بين 10 آلاف و100 ألف دولار؛ أي أقل بكثير من الصواريخ المستخدمة في تدميرها.
لن تُفيد
في المعسكر الروسي، الذي أسهم خلال الحرب العالمية الثانية في سقوط الرايخ الألماني، يرى الخبير العسكري شاتيلوف مينيكايف، أن تلك الخدعة القديمة "لن تُفيد بالشكل الذي تراهن عليه كييف، وتحاول تسويقه".
أرجع مينيكايف، توقعه هذا لأسباب عسكرية واستراتيجية:
- تعتمد فاعلية تلك الخدعة على الإنزال الجوي، وهذا لم تفعله موسكو.
- القوات الروسية تحقق تقدما على الأرض فعليا؛ ما يسمح لها بتحديد الأهداف الحقيقية بدقة.
- الصواريخ الروسية الموجّهة والمتطوّرة تتبع أهدافها بدقة وبأجهزة استشعار عالية الدقة.
- كييف تلجأ لتلك الخدعة لرفع روح معنوياتها فقط لا أكثر والتسويق لها.
ميدانيًا، تقترب القوات الروسية من بسط سيطرتها على باخموت في الشرق الأوكراني، والتي شهدت معارك ضارية على مدار الأشهر الماضية، وتخشى كييف سقوطها الكامل في يد موسكو؛ لأن هذا يفتح الطريق للسيطرة على مدن أخرى شرقا.