من بولندا، تنطلق شرارة جديدة توسع نطاق حرب أوكرانيا، مع إعلان ألمانيا اعتزامها إجراء مناورات ثلاثية مع واشنطن ووارسو على أراضي الدولة المحاذية لأوكرانيا، والتي تعد الأشد عداء لموسكو في دول شرق أوروبا، والعضوة في حلف "الناتو".
في تقدير أوليغ أرتيوفسك، الباحث في الشأن الدولي بمؤسسة "فولسك" العسكرية، فإن بولندا تقود عملية الهجوم على روسيا بالفعل من بوابة أوروبا الشرقية، مضيفا لموقع "سكاي نيوز عربية" أنها جعلت من أراضيها طريقا مفتوحا تمر عبره جميع الأسلحة الغربية إلى كييف، وقيامها بتلك المناورات مع واشنطن وبرلين هو "استفزاز مباشر وصريح لروسيا".
تصعيد وعقاب
عشية الذكرى الأولى للحرب، أعلنت وزارة الدفاع البولندية نصب الحواجز والمتاريس المضادة للدبابات على الطرق مع روسيا وبيلاروسا، قائلة: "هذا جزء من استراتيجيتنا للدفاع والردع، وقد تم بالفعل نشر التحصينات الأولى على الحدود مع منطقة كالينينغراد".
في ذات اليوم، 24 فبراير، أعلن الرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف، أن بلاده "ستنتصر" في أوكرانيا، وأن هدفها هو "دفع حدود التهديدات لبلادنا إلى أبعد ما يمكن، حتى لو كان ذلك حدود بولندا".
بعدها بيوم، سارعت موسكو للرد على مواقف وارسو، مثل إيقاف ضخ النفط الروسي إلى بولندا عبر خط دروجبا، حسبما أعلنت مجموعة النفط البولندية العملاقة "أورلن".
تخوفات بولندا
يعود العداء المباشر من بولندا نحو روسيا لتاريخ من الحروب والصراع على الأراضي بين البلدين، ومخاوف وارسو من أن تُعاود روسيا ضم أراض منها إلى حوزة موسكو، على غرار عندما كانت تابعة للاتحاد السوفيتي.
يسرد السياسي والإعلامي البولندي كاميل جيل كاتي لـ"سكاي نيوز عربية"، أمثلة لمواقف اتخذتها وارسو لإبعاد الخطر الروسي عنها منذ بدء الحرب:
• تركيب معدّات مراقبة عالية التقنية على طول جدار معدني حدودي مع بيلاروسيا، جارتها الحليفة لروسيا.
• تركيب معدّات مراقبة عالية التقنية على طول 210 كيلومترات من الحدود البرية مع كالينينغراد.
• تجميع ثلثي قواتها البرية على حدود بيلاروسيا ومنطقة كالينينغراد.
• وجود 25 ألف جندي أميركي على أراضيها بخلاف احتفاظ أوكرانيا بقوات قرب حدود بولندا.
• فتح جسر مباشر من نقل الأسلحة الغربية إلى كييف للصمود أمام الاجتياح الروسي.
• تدريب كتائب تابعة للجيش الأوكراني على الأسلحة الجديدة بجانب التنسيق المخابراتي.
يُضيف جيل كاتي أن بولندا تخشى كذلك بيلاروسيا، التي شاركت بشكل غير مباشر بجانب روسيا في الحرب ضد أوكرانيا، بفتح أراضيها ومطاراتها للجيش الروسي، وتوقيع اتفاقيات عسكرية تمكنها من دخول الحرب مباشرة بجانب موسكو.
ولبولندا حدود شرقية طويلة مع أوكرانيا وبيلاروسيا، وأي اعتداء على حدود بولندا سيجعل روسيا للمرة الأولى في صراع مباشر مع حلف "الناتو".
"شيطنة جديدة"
في المقابل، يقلل أوليغ أرتيوفسك من شأن وجود تهديدات من جانب بيلاروسيا لبولندا، معتبرا أن ما يتم ترويجه حول ذلك هو "شيطنة جديدة" لموسكو وحلفائها؛ فجميع تحركات مينسك هي رد على تفاقم الأوضاع على الحدود الغربية مع بولندا التي "تسكب الزيت على النار" حسب وصفه.
كما يلفت لوعي موسكو بـ"دور الاستخبارات البولندية في أوكرانيا، والتنسيق بين كييف والغرب من خلال القواعد الأميركية في بولندا التي تستخدم أيضًا للتجسس على التحركات الروسية في القرم".
لم يستبعد أرتيوفسك، مزيدًا من التصعيد من جانب وارسو تجاه موسكو ومينسك، للدخول بشكل مباشر في مرمى أهداف روسيا حال استمرار تلك التحركات من عسكرة على الحدود، والدفع بالقوات الأميركية في نقاط تماس متوترة للغاية.