أظهرت حرب أوكرانيا شروخا في جسد حلف شمال الأطلسي "الناتو"، كخلافات أعضائه الحادة بشأن مسار الحرب، وتوجه دول بالاتحاد للأوروبي للتملص من الهيمنة الأميركية على القرار المرتبط بهذه الأزمة.
وطرحت الحرب تساؤلات بشأن دور الحلف لظهور بوادر أوروبية للانفصال، وبناء قوة عسكرية موازية له.
وطوال الحرب، سعى "الناتو" لترميم هذه الشروخ بتكثيف وجوده العسكري على أراضي أعضائه، والتأكيد على أن الحامي لأعضائه والحلفاء كذلك، مثل أوكرانيا.
وبالتزامن مع الذكرى الأولى للحرب، يصرّ مسؤولو "الناتو" على تأكيد دوره الحامي لأعضائه، حيث شدد الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، الجمعة، على دور الحلف في صمود كييف أمام موسكو، مشيرا لإحراز تقدم في مسألة انضمام فنلندا والسويد للناتو.
وأوضح ستولتنبرغ، أن للناتو مهمتان في الحرب، الأولى انتصار أوكرانيا، والثانية منع المواجهة المباشرة بين الحلف وموسكو.
وحثّ الأعضاء في الحلف على إنفاق ما لا يقل عن 2 بالمئة من ناتجهم المحلي على القوة العسكرية.
وخلال زيارته إلى كييف ووارسو، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، أن بلاده ستدافع عن كل أراضي الأعضاء في الحلف حال تعرضها لعدوان روسي.
حملت تصريحات بايدن وستولتنبرغ رسالة بدعم الناتو لدول أوروبا الشرقية، وسط مخاوف من امتداد الصراع خارج أوكرانيا، وإرسال واشنطن 10 آلاف جندي إضافي لبولندا، وزيادة وجودها العسكري في رومانيا ودول البلطيق.
4 أزمات
اعتبر الخبير في العلاقات الدولية، عبد المسيح الشامي، أن تصريحات مسؤولي الحلف وواشنطن المتكررة عن "الناتو"، لا تعكس قوته، بل تكشف أزمة حقيقية، حيث أظهرت الحرب أن الحلف عبء عسكري وسياسي ومالي على أوروبا، لدخولها حربا لا تصب في صالحها.
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، حدد الشامي الأزمات التي يعاني منها "الناتو" وأخرجتها الحرب الأوكرانية للعلن:
- عدم اتفاق الأعضاء على الأجندة والعقيدة العسكرية للحلف وأولوياته، لاسيما وأن تصريحات أغلب المسؤولين الأوروبيين والمظاهرات الأوروبية لا تخلو من شعار "الخروج من الناتو" ورفض إنفاق أموال على تسليحه.
- تباين المواقف الأوروبية والأميركية بشأن الدعم العسكري لأوكرانيا، لا سيما وأن دولا مثل ألمانيا تعرضت لضغوط أميركية لتقديم أسلحة نوعية.
- تعارض أهداف "الناتو" مع مصالح بعض الأوروبيين.
- خطة تأسيس قوة عسكرية أوروبية موازية، ما يؤشر لأن أوروبا لم تعد تشعر بأن "الناتو" حاميها.
وربط الشامي بين ما سبق وإصرار واشنطن على إطالة أمد الحرب لاستنزاف اقتصاد روسيا وللصين المهددتين للناتو، وتدمير اقتصاد أوروبا كذلك حتى لا يكون سوقا جاذبا للاستثمارات الروسية والصينية، لاسيما وأنها لا تريد مواجهة مباشرة مع موسكو خشية رد فعل روسي غير متوقع.
تأسيس الحلف
أسست 12 دولة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا، الحلف، عام 1949، لدفاع الدول الأعضاء عن بعضهم البعض في حال أي هجوم، خاصة من الاتحاد السوفيتي.
عقب 1991 وانهيار الاتحاد السوفيتي، زاد أعضاء "الناتو" إلى 30 دولة.
الحلف بعد حرب أوكرانيا
اتخذ الناتو قرارات لتعزيز قدراته:
• إجراء أكبر إصلاح لقوته الدفاعية بزيادة قوات الردع السريع من 40 ألف إلى أكثر من 300 ألف جندي.
• إرسال قوات برية وبحرية وجوية لدول مجاورة لأوكرانيا وروسيا.
• مناقشة ضم فنلندا والسويد للناتو.