دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة جديدة من الصراع أكثر دمويا، إذ باتت تطفو ملامح استراتيجية الاغتيالات والتصفية الجسدية تحت مسمي "الانتحار"، بخلاف نشاط ملحوظ لكارت الجواسيس بين موسكو من جانب وكييف وحلفاءها الغربيين من جانب آخر.
تمثل حوادث انتحار ومقتل بعض المسؤولين في روسيا آخرها مارينا يانكينا، رئيسة قسم المخصصات المالية للمنطقة العسكرية الغربية، علامات استفهام مرتبطة بالحرب في أوكرانيا، فبحسب خبراء وسياسيين تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، هناك حرب من نوع خاص خفية بين موسكو وكييف.
اغتيال أم انتحار
وفاة يانكينا جاءت بعد يومين فقط من وفاة اللواء فلاديمير ماكاروف، 72 عامًا، شغل حتى وقت قريب، نائب رئيس قسم مكافحة التطرف في وزارة الداخلية، حتى تعرض للإقالة بقرار من فلاديمير بوتين رغم وصفه بالشريك المخلص للرئيس.
يقول السياسي والإعلامي البولندي كاميل جيل كاتي، إن هناك ضغوطًا شديدة تمارس في روسيا ضد أي مسؤول يفشل ولو جزئيًا في أداء مهامه بالحرب، باعتبار أن هذا إرث عسكري روسي، وبنت التقارير الغربية توقعاتها على اتهامات لـ"يانكينا" سابقًا بتقصيرها في الخسائر التي تكبدتها روسيا في حربها ضد أوكرانيا.
ويُضيف كاميل جيل كاتي، في تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مارينا يانكينا هي الشخصية الأحدث في قائمة طويلة من المسؤولين العسكريين الروس والشخصيات الدفاعية، ومنتقدي الحرب، ومديري الغاز والنفط الذين يموتون فجأة وبشكل غامض منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، العام الماضي، مما يرجح نظرية التصفية الجسدية لمعارضي الكرملين أو المقصريين من وجه نظر موسكو في حربها بأوكرانيا.
كانت يانكينا مسؤولة عن تمويل الحرب في أوكرانيا بصفتها رئيسة لقسم الدعم المالي بوزارة الدفاع للمنطقة العسكرية الغربية؛ تسود مؤشرات على تفشي وقائع الاحتيال والاختلاس بخصوص التمويل العسكري الروسي للحرب.
وأرجع كاميل جيل كاتي، صحة نظرية التصفية الجسدية وليس اتحار لعدة أسباب:
• يتم نشر نفس البيان بالانتحار بشكل منتظم على مدار الأشهر الأخيرة عند وفاة أحد كبار الشخصيات الروسية
• تم العثور على متعلقات ووثائق يانكينا على شرفة في الطابق السادس عشر من المبنى الذي يقال إنها سقطت منه
• مصرع عدد كبير من الروس الذين يشغلون مناصب رفيعة في الأشهر الأخيرة رغم علاقاتهم الوثيقة بفلاديمير بوتين
وحو الصراع بين الجانبين، يؤكد السياسي والإعلامي البولندي، أنه منذ عام 2014 ، كانت أوكرانيا أيضاً بؤرة صراع سري أكثر وحشية، حيث يحاول كل جانب تجنيد الجواسيس أو القضاء عليهم، وقد رافقت ذلك اغتيالات لمسؤولين أوكرانيين رفيعي المستوى أيضاً.
الغرب وحرب الجواسيس
نشطت خلال الأشهر الماضية عمليات توقيف لعدد من العملاء بين الجانبين، وهنا يقول الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية سولونوف بلافريف، إن الغرب يستخدم سلاحه القديم وهو تجنيد الجواسيس لتنفيذ عمليات اغتيال ونقل معلومات وتشويه صورة روسيا أيضًا.
ويُضيف سولونوف بلافريف، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن جميع عمليات الاغتيالات التي تمت في روسيا الفترة الماضية تؤكد أن الغرب يدرس بعناية تلك التحركات التي تحتاج إلى محترفين لتنفيذ عمليات في قلب موسكو وشرق أوكرانيا، الذي تسيطر عليه روسيا ومنها:
• اغتيال الصحفية داريا دوغينا، ابنة ألسكندر دوغينا، الملقب بـ"عقل بوتن" في أحد ضواحي موسكو
• اغتيال إيفان سوشكو، رئيس الإدارة العسكرية والمدنية لمدينة ميخائيلوفكا، شرقي أوكرانيا
• أغسطس الماضي تعرض عمدة بيرديانسك، ألكسندر ولينكو، لمحاولة اغتيال وتم إحباطها
• اغتيال نائب رئيس إدارة نوفا كاخوفكا في منطقة خيرسون، فيتالي جورا
• محاولة اغتيال أندريه شيفتشيك، عمدة مدينة إنرغودار، بمنطقة زابوروجيه
ويُشير سولونوف بلافريف، إلى دور واشنطن الذي وصفه بالأكثر عدائية حيث تقوم بمساعدة وكالات الاستخبارات الغربية والقوات الخاصة بتدريب عناصر نظيراتها الأوكرانية لسنوات عديدة، من أجل استخدام هذا الكارت في ضزب صورة موسكو بتنفيذ عمليات في قلب روسيا.