مع قرب دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثاني بعد أيام، يبدو أن الصراع الروسي الغربي في طريقه للاتساع ودخول نطاقات جديدة تمتد للفضاء هذه المرة وتنذر بعسكرته، حيث أطلقت موسكو تهديدا باستهداف البنى التحتية الفضائية الغربية "المتورطة" في تقديم الدعم للقوات الأوكرانية.
تفاصيل "التهديد الروسي"
وجاء الوعيد على لسان مسؤول بوزارة الخارجية الروسية، والذي أكد أن تلك البنى المدنية غير العسكرية التي تستخدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الصراع في أوكرانيا ربما ستصبح "هدفا مشروعا".
وقال مدير إدارة منع الانتشار والحد من التسلح بالخارجية الروسية كونستانتين فورونتسوف، الخميس، "يمكن أن تصبح البنية التحتية الفضائية المدنية التي تستخدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الصراع في أوكرانيا هدفا مشروعا للانتقام".
وأضاف "في المحافل الدولية المتخصصة، نريد أن ننوه ونلفت إلى منحى واتجاه خطير للغاية يتجاوز الاستخدام غير الضار لتقنيات الفضاء، والذي تجلى بوضوح خلال الأحداث في أوكرانيا، نحن نتحدث عن استخدام الولايات المتحدة وحلفائها مكونات البنية التحتية المدنية في الفضاء بما في ذلك البنية التحتية التجارية للأغراض العسكرية".
مردفا "نشير إلى أن مثل هذه الأنشطة تشكل في الأساس مشاركة غير مباشرة في النزاعات المسلحة، ونشير أيضا إلى أن مثل هذه البنية التحتية الفضائية شبه المدنية، قد تتحول إلى هدف مشروع لضربة انتقامية".
ولفت فورونتسوف إلى أن مخاطر تحويل الفضاء الخارجي لنقطة انطلاق لشن الحرب "قد بدأت بالحدوث"، محذرا من عسكرة الفضاء وما يعكسه من تهديد للأمن الدولي.
خطر عسكرة الفضاء
خبراء ومراقبون يحذرون من أن يمتد الصراع ليطال مساحات لطالما شكلت فضاءا مشتركا بين مختلف دول العالم، ولا سيما في مجال تكنولوجيات استكشاف الفضاء وعلومه.
وحذر المتابعون من أن تنفيذ موسكو لوعيدها هذا، قد يتسبب في تغيير قواعد اللعبة وفرض واقع جديد يدفع نحو رد فعل غربي مماثل .
تهديد ردعي
يقول الباحث الروسي والخبير في تكنولوجيا الفضاء تيمور دويدار، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية":
- البنى التحتية الفضائية المدنية وخاصة الأقمار الصناعية، مهماتها الأساسية هي تحديد الإحداثيات وتبادل المعلومات والبث والارسال، لكنها قد تستخدم لأغراض متعددة ومزدوجة؛ بما فيها الأغراض العسكرية والاستخبارية.
وأبرز منظومات الملاحة الفضائية الدولية هي:
- منظومة جي بي إس الأميركية التابعة للبنتاغون .
- منظومة غلوناس التابعة لوزارة الدفاع السوفييتية سابقا والروسية حاليا.
- منظومة بيدو الصينية الحكومية .
- المنظومة الأوروبية غاليليو التابعة للإتحاد الأوروبي.
- شركة سبيس إكس ومنظومتها المسماة ستار لينك، التي يملكها رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك.
- الأقمار الصناعية الموجودة ضمن المدار المنخفض هي غالبا المستهدفة من هذا التحذير الروسي، وخاصة التابعة لمنظومتي غاليليو وستار لينك .
- التهديد في غالب الأمر ردعي وإعلامي فقط، ولا يعكس رغبة جدية باستهداف مثل تلك المنظومات عسكريا.
تغيير قواعد الاشتباك
بدوره يقول الباحث الاستراتيجي بمعهد ستيمسون الأميركي للأبحاث عامر السبايلة، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، "مع استمرار الحرب عشية اتمامها عاما كاملا، وحال الاستنزاف التي تعانيها مختلف الأطراف وفي مقدمها الطرف الروسي، فإن موسكو تحاول الدفع باتجاه احتواء هذه الحرب المفتوحة ووقف الدعم الغربي لكييف، وحتى الدفع نحو الجلوس لطاولة التفاوض عبر التلويح بمثل هذه التهديدات كأحد الأوراق الروسية الأساسية".
وأضاف أنه من الصعب جدا تخيل أن تقدم روسيا على ضرب أهداف غربية غير عسكرية في الفضاء، حيث سيقود ذلك لإعادة صياغة قواعد الاشتباك واللعبة في هذا الصراع، بحيث ستصبح البنى الفضائية الروسية كذلك عرضة رد غربي، وتسقط بذلك محرمات المواجهة المباشرة بين روسيا والغرب.
وتابع "هكذا، فروسيا عبر التلويح بفتح مواجهة من هذا النوع، تسعى لامتصاص الضغوط المتراكمة عليها بفعل حرب الاستنزاف في أوكرانيا، لكنها محاولة محفوفة بمخاطر جمة وقد ترتد تعميقا لتداعيات حرب الاستنزاف وليس العكس".