تتنافس أجهزة الاستخبارات في كل من الولايات المتحدة والصين لكشف الأسرار بعضها البعض، ولحماية أسرارها؛ سعيا وراء مزايا عسكرية واقتصادية وتكنولوجية، في الوقت الذي شهدت العقود الماضية على العديد من الجواسيس من الجانبين.
كان آخر فصول هذا التنافس، رصد ما قيل إنه "منطاد تجسس" صيني في أجواء الولايات المتحدة، ما رفضته وزارة الخارجية الصينية، مؤكدة أنه "مدني" ويستخدم للبحوث، لا سيما أغراض الأرصاد الجوية.
بالأساس، تقوم عمليات التجسس على الخداع والتمويه بهدف معرفة أسرار العدو أو الخصم لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، وجمع المعلومات بهدف اتخاذ إجراءات احترازية تحد من حجم المخاطر.
عمليات متبادلة
رصد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، قرابة 160 حالة تم الإبلاغ عنها علنا من التجسس الصيني الموجه إلى الولايات المتحدة منذ عام 2000، وجاءت كالتالي:
- 42 بالمئة من هؤلاء الجواسيس موظفون عسكريون أو حكوميون صينيون.
- 32 بالمئة كانوا مواطنين صينيين.
- 26 بالمئة كانوا غير صينيين (عادة هم أشخاص أميركيون تم تجنيدهم من قبل المسؤولين الصينيين).
- جاءت الحوادث المرصودة للحصول على تقنيات تجارية في المرتبة الأولى بواقع 51 بالمئة، ثم المتعلقة بالتجسس السيبراني بواقع 41 بالمئة، ثم للحصول على التكنولوجيا العسكرية في المرتبة الثالثة.
وفق موقع "ذا أتلتيك" الأميركي، لطالما كانت وكالتا الاستخبارات الأميركية والصينية تصارعان بعضها البعض منذ عقود، لكن ما تشير إليه هذه الحالات الأخيرة أن الحرب الاستخباراتية تتصاعد، وأن الصين زادت من نطاق وتعقيد جهودها للحصول على المعلومات من الولايات المتحدة.
لكن العديد من قضايا التجسس لا يتم الإعلان عنها، حسبما قال أحد مسؤولي المخابرات الأميركية الذي رفض الكشف عن هويته، مضيفًا: "نادرًا ما ترى بعض القضايا ضوء قاعة المحكمة، لأن هناك مواد سرية لسنا على استعداد للمخاطرة بها.. في بعض الأحيان لا تتم محاسبتهم على الإطلاق ويتم التعامل معهم من خلال وسائل أخرى".
استخدمت حرب الاستخبارات المتنامية التي تدور رحاها بين واشنطن وبكين من أجل الهيمنة العالمية، عددًا من الأدوات التقليدية والحديثة، كما تتضمن هجمات إلكترونية ضد قواعد بيانات وشركات حكومية، والحصول على الأسرار التجارية من القطاع الخاص، واستخدام رأس المال الاستثماري للحصول على التكنولوجيا الحساسة، واستهداف الجامعات والمؤسسات البحثية، في كلا البلدين.
أبرز قضايا الألفية الجديدة
- يوليو 2004: حصل يان مينغ شان، الموظف الصيني في شركة برمجيات أميركية تعمل على تطوير تقنية استشعار الأرض لشركات النفط، على وصول غير مصرح به إلى نظام الكمبيوتر الخاص بالشركة، وحاول إعادة تلك التكنولوجيا الحساسة إلى الصين.
- أكتوبر 2005: جمع عدد من عملاء المخابرات الصينية معلومات تقنية بشأن تقنيات السفن الحربية الحالية والمستقبلية التابعة للبحرية الأميركية، وكانوا يعتزمون إرسالها إلى الصين.
- أبريل 2006: تسلل قراصنة صينيون إلى شبكات "ناسا" التي تديرها "لوكهيد مارتن" و"بوينغ"، وسرقوا المعلومات حول برنامج مكوك الفضاء ديسكفري.
- يونيو 2007: اخترق قراصنة صينيون مشروعًا للبنتاغون وسرقوا البيانات المتعلقة بالطائرة المقاتلة "إف-35".
- مايو 2008: قام صينيون بإدخال برنامج تجسس على الكمبيوتر المحمول الخاص بوزير التجارة الأميركي السابق، كارلوس جوتيريز، خلال مهمة تجارية.
- أغسطس 2012: حاول العميل السابق لوكالة المخابرات المركزية "جيري لي"، تزويد الصين بمعلومات سرية حول أنشطة وكالة المخابرات المركزية داخل الصين، وحُكم عليه بالسجن 19 عاما.
- مايو 2014: أعلنت وزارة العدل الأميركية أن هيئة محلفين فيدرالية كبيرة وجهت لائحة اتهام ضد 5 من ضباط جيش التحرير الشعبي لسرقة معلومات تجارية سرية وملكية فكرية من الشركات التجارية الأميركية وزرع برامج ضارة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.
- أغسطس 2020: القبض على عميل سابق لـ"سي أي إيه" ألكسندر ما، تجسس لصالح بكين حيث قدم للاستخبارات الصينية معلومات سرية وكشف عملاء واشنطن.
- يوليو 2021: اتهمت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وحلفاؤها، الصين باستخدام متسللين متعاقدين لإجراء حملة تجسس إلكتروني عالمية مستمرة، تتضمن هجمات برمجيات الفدية والابتزاز الإلكتروني وسرقة العملات المشفرة.
- أكتوبر 2022: كشفت وزارة العدل الأميركية عما وصفته بأنه عملية تجسس كبرى حاولت الحكومة الصينية تنفيذها عبر 13 شخصا، بينهم 10 يعملون مباشرة لمصلحة المخابرات الصينية، تتضمن تهريب أشخاص ومعدات من مؤسسات أميركية.