وسط مظاهر احتفالية حاشدة لم تشهدها جوبا منذ إعلان استقلال جنوب السودان قبل نحو 12 عاما؛ استقبل الآلاف، البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان الذي وصل الجمعة في أول زيارة للدولة الأحدث في الخريطة العالمية والتي يأمل سكانها في أن تخفف الزيارة من الأزمات الإنسانية والحروب الأهلية الطاحنة التي يعيشونها.
وجاءت زيارة البابا؛ والتي رافقه فيها روان وليامز، رئيس أساقفة كاتنبري إضافة إلى رئيس كنيسة اسكتلندا، وسط انقسامات سياسية وقبلية حادة أعاقت تقدم دولة جنوب السودان منذ انفصالها عن السودان في 2011، بعد حرب طاحنة استمرت 6 عقود قتل وشرد خلالها أكثر من 4 ملايين شخص.
ويعتبر البابا فرنسيس أرفع شخصية عالمية تزور الدولة الوليدة؛ والتي تصدرت طوال السنوات العشر الماضية عناوين الأخبار بسبب ما ابتليت به من مجاعات وفيضانات وانقسامات أودت بحياة نحو 500 ألف شخص وشردت أكثر من ثلث السكان البالغ عددهم 11 مليون نسمة.
وقبل زيارة البابا، لم يسبق لأي زعيم غربي أن قام بزيارة علنية لدولة جنوب السودان مما ترك العديد من السكان يشعرون بنسيان العالم لدولتهم، وهو ما يبرر الاهتمام الكبير بالزيارة، بحسب المحلل السياسي دينيس اسكوباس.
ويشير اسكوباس إلى أن الأنظار تتجه إلى ما يمكن أن تحققه الزيارة، من حيث الإسهام في حل الأزمات الأمنية والإنسانية والاقتصادية التي تعاني منها دولة جنوب السودان.
وفي حين دعا بعض زعماء الطوائف المسيحية لإبعاد الزيارة عن التجاذبات السياسية والتركيز على ما يمكن أن يفعله البابا من أجل مساعدة شعب جنوب السودان على الخروج من ازماتهم الحالية، إلا أن آخرين رأوا أنه من الصعب الوصول إلى ذلك دون أن يستخدم البابا نفوذه السياسي في أوروبا والعالم وحث زعماء البلدان الغربية على مد يد العون لدولة جنوب السودان التي تبلغ معدلات الفقر فيها أكثر من 80 في المئة؛ رغم النفط والموارد الطبيعية الضخمة التي تمتلكها.
رهان على نفوذ البابا
وفي هذا السياق يقول اسكوباس لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن البابا يتمتع ينفوذ كبير في الغرب كما أن معظم المنظمات العالمية المعنية بتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية تتخذ من العاصمة الإيطالية روما مقرا لها، بما في ذلك برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الزراعة والأغذية العالمية وغيرها من المنظمات المؤثرة.
وفي الجانب الآخر، تبدو مهمة البابا صعبة للغاية، خصوصا في ظل وجود دولة جنوب السودان ضمن قائمة البلدان الأكثر دموية والأكثر فسادا في العالم، بحسب أحدث تصنيف لمنظمة الشفافية الدولية، وسط اتهامات متزايدة للنخب السياسية وشبكات الفساد بإهدار المليارات من عائدات النفط والمساعدات الدولية.
ورغم الصورة القاتمة، يعقد سكان جنوب السودان آمالا عريضة على زيارة البابا التاريخية هذه، فمنذ الثلاثاء تدفق عشرات الآلاف نحو العاصمة جوبا، مستخدمين حافلات صغيرة وسيارات نقل مكشوفة ودراجات بخارية وبعضهم مشيا على الأقدام لأكثر من 9 أيام، وذلك من أجل استقبال البابا.
ويقول رياك شول؛ وهو وأحد من أكثر من 80 شخصا قطعوا مسافة 400 كيلومترا على الأقدام من أجل المشاركة في استقبال البابا، إن تحمله عناء السير الطويل والمرهق إلى جانب آخرين يشكل تعبيرا عن الأمل.
ويوضح لموقع "سكاي نيوز عربية"، "لدينا أمل كبير في أن تمنح زيارة البابا بلادنا روحا جديدة من الوحدة والتعاضد بعد سنوات طويلة من الحرب الأهلية".
وقضى معظم قادة الكنائس المنتشرة في جوبا، يومي الأربعاء والخميس في الصلاة من أجل أن تكون الزيارة فرصة للتصالح ولم شمل شعب جنوب السودان من جهة، ولفت أنظار العالم نحو دولتهم بعد عامين من الانشغال بجائحة كوفيد 19 والحرب في أوكرانيا.