أثار تعهد المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد، بمساعدة أوكرانيا طالما لزم الأمر، تساؤلات بشأن تأثير ذلك على الوضع الميداني في الأيام المقبلة للحرب، وارتباطه بحل معضلة تسليم الدبابات الألمانية "ليوبارد" لكييف.
وفي الأسبوع الماضي، لم تتوصل ألمانيا والحلفاء الغربيون إلى قرار بشأن ما إذا كانت برلين ستوافق على إرسال دبابات "ليوبارد" إلى أوكرانيا، أو تسمح للدول الأخرى التي لديها ذلك، رغم مناشدات أوكرانيا للحصول على المركبات الحديثة لتعزيز جهودها الدفاعية.
وأوضح المستشار الألماني والرئيس الفرنسي في بيان مشترك أعقب اجتماعا لمسؤولين حكوميين كبار في باريس، إن مساعدة أوكرانيا في حربها مع روسيا ستتركز على قطاعات بعينها، بما فيها العسكري والاقتصادي.
وعقب الاجتماع، أبدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك استعداد بلادها للسماح لبولندا بإرسال دبابات "ليوبارد" القتالية المتطورة ألمانية الصنع إلى أوكرانيا، في حال تقدمت وارسو بطلب كهذا.
جاء ذلك تزامنا مع إعلان رئيس الوزراء البولندي ماتيوش موارفيتسكي أنه يعتزم "إرسال دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا حتى من دون موافقة ألمانيا إذا لزم الأمر".
ووفي وقت سابق، أعلنت برلين أنها ستسمح بإرسال دبابات ألمانية الصنع إلى أوكرانيا للمساعدة في دفاعها ضد روسيا "فقط إذا وافقت الولايات المتحدة على إرسال دباباتها الخاصة"، لكن المسؤولين الأميركيين قالوا إن إدارة الرئيس جو بايدن ليست مستعدة لإرسال دبابات "أبرامز"، نظرا لكلفة تشغيلها وصيانتها المرتفعة.
ووفقا لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، فهناك نحو ألفي دبابة "ليوبارد" لدى 13 دولة في أوروبا، وينظر لهذه المركبات العسكرية بشكل متزايد على أنها حيوية بالنسبة لحرب أوكرانيا.
ماذا بعد اجتماع ماكرون وشولتس؟
يرى الباحث المتخصص في السياسات الدفاعية محمد حسن، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه من الثابت في السياسة الأوروبية بعد انقضاء عهد الحرب الباردة فإن "الدور الرئيسي في المنظومة الأمنية والاقتصادية الأوروبية يعود لكل من ألمانيا وفرنسا".
وأضاف: "ألمانيا أقوى وأكبر اقتصاد أوروبي، وفرنسا أكبر قوة عسكرية قادرة على ارتياد أعالي البحار، وتنشط عسكريا من الصحراء الإفريقية حتى بحر الشمال وتصل لمنطق الإندوباسيفك".
وبشأن تداعيات التعهد الفرنسي الألماني بشأن دعم أوكرانيا، أوضح الباحث المتخصص في السياسات الدفاعية أن:
• هذه الثنائية كثيرا ما دفعت بأحلام الشراكة الاستراتيجية والتكامل الاقتصادي، خاصة في مجال الطاقة، لكن الإرث التاريخي للدولتين يحول دون ذلك منذ عهد الحروب النابليونية.
• شكلت أوكرانيا وما يدور فيها من حرب نقطة لإعادة تأسيس المنظومة الأوروبية، لاسيما الجانب الأمني منها.
• الحرب الأوكرانية أوضحت حجم تناقض الثنائية الأوروبية، الألمانية الفرنسية، ففرنسا أكبر قوة عسكرية أوروبية هي أقل دولة قدمت دعما عسكريا لأوكرانيا، وألمانيا كذلك تتحفظ على إرسال الدبابات الثقيلة رغم تقديمها الدعم المالي.
• معضلة الدبابات حلها لدى كل من واشنطن وبرلين على وجه التحديد، فألمانيا غير مضطرة لإرسال دبابات "ليوبارد"، فقط عليها السماح لدول تمتلكها مثل بولندا بإرسالها إلى أوكرانيا.
• تبدي بولندا استعدادا لإرسال هذه الدبابات وتحتاج فقط للموافقة الألمانية وهو أمر بات قريبا جدا.
• في هذه المرحلة، يتسيد السلاح النوعي حديث الحلفاء وكذلك روسيا، فنحن الآن أمام مرحلة "آلة الصدم" بالدبابات الثقيلة التي كانت ممنوعة من قبل على أوكرانيا، كمان أن روسيا بدأت في إعادة هيكلة قواتها وتزويدها بصواريخ أسرع من الصوت قادرة على ضرب منصات الدفاع الجوي متوسطة وبعيدة المدي.
• المرحلة المقبلة ستدفع بإطالة أمد الحرب، نظرا لنوعية السلاح الهجومي المقدم من كل أطراف الصراع.