تترقب بريطانيا أياما عصيبة مع استمرار إضراب طواقم التمريض، وتخطيط طواقم الإسعاف لسلسلة إضرابات في فبراير ينظمها هذا القطاع الحساس لأول مرة بهذه الكثافة في تاريخ البلاد.
ويوضح عدد من المشاركين في إضرابات التمريض، والمؤيدين لها، لموقع "سكاي نيوز عربية" الأسباب التي دفعتهم لذلك، وآفاق الحل التي ينتظرونها من الحكومة.
تسونامي الإضرابات
تقف عدة دول في أوروبا على صفيح ساخن نتيجة ارتفاع الأسعار وأزمة الطاقة بعد وباء كورونا وحرب أوكرانيا، إلا أن بريطانيا يُضاف لأسباب أزمتها "البريكست"، أي تداعيات انسحابها من عضوية الاتحاد الأوروبي على عدد القوة العاملة لديها.
ونتيجة عدم استجابة الحكومة لمطالب النقابات برفع الأجور، وقعت سلسلة إضرابات:
• بدأت الإضرابات في قطاع النقل العام الماضي.
• مع تزايد غلاء المعيشة انتقلت عدوى الإضرابات لقطاعات عدة، حتى وصلت للقطاع شديد الحساسية وهو الإسعاف وطواقم التمريض.
• ردت الحكومة بالإعلان، بشكل مفاجئ، عن نزول مجموعات من الجيش المدربة طبيا للمستشفيات لسد عجز الإضرابات.
• واصل قطاع التمريض الدعوة للإضراب، ونظم إضرابين، في 18 و19 يناير الجاري.
• يدرس الأطباء حديثو التخرج الانضمام للإضراب دون إعلان واضح بعد.
حجج "غير مقنعة"
تقول "جاي لي سوفليكت" من نقابة التمريض، وهي ممرضة متقاعدة تقود الحركة النقابية في لندن، عن دوافع تنظيم هذا القطاع الحساس للإضرابات الآن: "تحجج الحكومة بأنه لا يوجد أموال لرفع الرواتب أصبح غير مقبول، خاصة وأن الحكومة استطاعت جمع أموال لتسليح أوكرانيا".
وأضافت أن "العديد من الممرضات يعملن لساعات طويلة، ورغم ذلك يجدن صعوبات في دفع إيجار منازلهن، والرواتب لم تعد تتناسب مع التضخم ومع مشاق العمل بعد زيادة ساعاته نتيجة قلة أعداد العاملين، كما أدى وباء كورونا إلى أن العمل بات أصعب وأخطر، ورغم تصفيق الناس لنا، ولكن الآن تهتف الممرضات: "التصفيق لن يدفع الفواتير".
الدكتورة إن خان، استشارية الباطنة العامة، تعلق بأن العمل المستمر منذ بدء وباء كورونا بدون انقطاع أدى إلى إنهاك جسدي ونفسي لكل الطواقم الطبية بدون استثناء.
وفي المقابل، تتابع الطبيبة: "أنت تذهب إلى المنزل قلقا على ما إذا كان لديك ما تقدمه على العشاء لنفسك وعائلتك، كل هذا دفع الطواقم لمغادرة الهيئة الوطنية للصحة؛ ما خلق أزمة نقص حادة في الموظفين".
ومتوجهة بالحديث إلى الحكومة، تقول إن "إنكار التضخم لن يفيد أحدا، ومن أجل سلامة المريض يجب أن تكون الطواقم الطبية، خاصة التمريض، في حالة نفسية وجسدية تسمح لهم بممارسة عملهم لتجنب وقوع أخطاء طبية قد تكون قاتلة".
وأظهرت نتائج استطلاع أجرته الجمعية الطبية البريطانية (BMA) على 4500 طبيبا حديث التخرج في إنكلترا خلال شهري نوفمبر وديسمبر أن 79 بالمئة منهم "يفكرون غالبا في ترك الخدمة الصحية الوطنية".
الدكتور إي هوسين، الطبيب في منظمة الصحة الوطنية يلخص الوضع بأنه مطلوب من العاملين استقبال أعداد كبيرة من المرضى يوميا، لا تتناسب مع عدد الأسرة والطواقم الطبية، وأن يقدموا أفضل العمل في أقل عدد من الساعات، وهذا ينعكس بضغوط غير عادية على نفسية وأجساد العاملين.
تحركات الحكومة
لوح وزراء بوضع قوانين لتقييد الإضرابات، وهو ما رد عليه زعيم اتحادات النقابات بول نواك، بأن النقابيين لن يسمحوا بتغيير القوانين، داعيا الوزراء للجلوس على مائدة المفاوضات.
وبعد توالي انضمام قطاعات الصحة والنقل والبريد والتعليم وبعض أفراد حرس الحدود للإضراب، يتوقع بريطانيون أن تمتد العدوى لقطاعات أوسع، وقد تأخذ منحنى أكثر تعقيدا، خاصة بعدما لم يترك النقابيون حلا للحكومة سوا رفع الأجور أو تقييد الأسعار.