تراجع حجم الإنفاق الاستهلاكي على أعياد الميلاد للعام 2022 بنحو 40 في المئة في معظم أنحاء أفريقيا؛ مما يشير إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها معظم بلدان القارة الأفريقية والتي يعزيها خبراء اقتصاديون إلى عوامل داخلية وخارجية.
تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية الصعبة؛ وارتفاع أسعار السلع اضطر الملايين من سكان القارة البالغ عددهم نحو 800 مليون نسمة إلى تقليص نفقاتهم إلى الحد الأدنى.
ويقول ماييدو سايمون الذي يعمل موظفا حكوميا في العاصمة الأوغندية كمبالا لموقع سكاي نيوز عربية إن الأسعار المرتفعة دفعته لتقليص عاداته ونفقاته الاحتفالية التي درج عليها عند حلول أعياد الميلاد في كل عام.
ومثل سايمون يواجه الملايين من سكان القارة الأفريقية صعوبات كبيرة في توفير احتياجات موسم الأعياد الأساسية مما جعلهم يتخلون عن العديد من العادات مثل تبادل الهدايا وإقامة الولائم العائلية وغيرها من العادات التي كانت تميز احتفالات أعياد الميلاد في أفريقيا.
وفي الواقع؛ ظلت مواسم الأعياد تعطي قوة دفع كبيرة للاقتصاد الأفريقي حيث يتزايد الإنفاق الاستهلاكي بشكل كبير؛ لكن في العام الحالي تراجعت قوة الدفع الاستهلاكي كثيرا مقارنة مع الأعوام الماضية مما قد يزيد من الأعباء التي تواجهها العديد من اقتصادات القارة.
ويشير الخبير الاقتصادي زمدينة نجاتو إلى أن معظم الأفارقة؛ يحتفلون بعيد الميلاد وعطلة رأس السنة الجديدة بالحد الأدنى هذا العام؛ وذلك نظرا لارتفاع أسعار السلع والخدمات وتآكل القيمة الشرائية للأجور في ظل ارتفاع معدلات التضخم إلى متوسط 14.5 في المئة.
ويوضح نجاتو وهو رئيس مجلس إدارة صندوق "فير فاكس أفريكا" الاستشاري أن ارتفاع معدلات التضخم تمثل تحديًا في جميع أنحاء أفريقيا بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
ويقول نجاتو لموقع سكاي نيوز عربية إن هنالك ثلاثة أسباب رئيسية تقف وراء تدهور الأوضاع الاقتصادية في أفريقيا وهي الانعكاسات للحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى تعطيل إمدادات الحبوب والطاقة؛ إضافة إلى الانخفاض الكبير في أسعار صرف العديد من العملات الأفريقية بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة. اما السبب الثالث وفقا لنجاتو فيتمثل في الانعكاسات الناجمة عن الظروف المناخية السيئة في العديد من البلدان الأفريقية وخاصة في شرق أفريقيا والتي تسببت في فشل المحاصيل وأدت بالتالي إلى نقص الغذاء وزيادة الأسعار.
ونتيجة لتلك العوامل؛ يتوقع نجاتو أن يتباطأ متوسط النمو الاقتصادي في أفريقيا في 2022 إلى 3.3 في المئة مقارنة ب 4.1 في المئة في عام 2021؛ ويستدرك "لكن إذا انخفضت أسعار النفط والسلع الأخرى سيكون من المعقول توقع حدوث تحسن في متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا في منتصف 2023".
وإلى حين تتأكد توقعات نجاتو في العام المقبل سيستمر سايمون وغيره من سكان البلدان الأفريقية في التأقلم مع الصعوبات الاقتصادية الحالية والتخلي عن الكثير من المظاهر الاحتفالية التي ظلوا يقيمونها عند نهاية كل عام. وفي هذا السياق؛ يقول جبريل أنتوني وهو من ابناء الطائفة الكاثوليكية في جنوب السودان إنه لم يكن يوما يتوقع أن تجبر الظروف الاقتصادية سكان قارة أفريقيا على تقليص المظاهر الاحتفالية السنوية؛ لكن التضخم الحاد في العام الحالي أكل كل مدخرات الأسر.
ويوضح لموقع سكاي نيوز عربية "كانت هنالك بعض الصعوبات في الأعوام الماضية لكن الأمر تفاقم أكثر في العام الحالي؛ وبالتالي لن يكن في مقدور الكثيرين تبادل الهدايا وإقامة الاحتفالات الصاخبة وهذا بدأ واضحا من حركة الأسواق التي تشهد هدوء لم تعتاده في مثل هذه الأيام من السنوات السابقة".
وتماشيا مع الأوضاع الصعبة التي يعيشها سكان القارة الأفريقية لجات الكثير من الجمعيات والهيئات الخيرية إلى توجيه أنشطتها في موسم أعياد الميلاد الحالي نحو جمع الأموال وإقامة الحفلات الخيرية للمساعدة في توفير الغذاء لملايين الجوعى في وقت أكدت فيه تقارير الأمم المتحدة أن واحد من كل خمسة من سكان القارة يواجه خطر انعدام الأمن الغذائي.