مع بدء موسم الثلوج والصقيع وتراجع حدة العمليات العسكرية في أوكرانيا، ولا سيما بعد الانسحاب الروسي من مدينة خيرسون الجنوبية، تتضارب المؤشرات والمواقف حول مصير هذه الحرب التي تكاد تكمل عامها الأول، بين من يتحدثون عن قرب نهايتها، ومن يرون أنها ستطول وأن "هدنة" الشتاء المفروضة مناخيا، ستشكل فرصة لإعادة تنظيم كلا الجانبين صفوفهما، تمهيدا لخوض الحرب مجددا قبيل فصل الربيع القادم.
فيما أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى احتمالية أن تستمر الحرب مدة طويلة، توقع نظيره الأوكراني فولودومير زيلينسكي نهايتها في العام 2023، فيما أعلنت وزارة الخارجية الروسية الخميس، أن واشنطن تخطط لتأجيج الصراع في أوكرانيا على الأقل حتى نهاية عام 2025.
رأي الخبراء
ويقول الدبلوماسي السابق والخبير بالشؤون الأميركية، مسعود معلوف، في حوار مع موقع سكاي نيوز عربية: "واضح أن العد العكسي لنهاية الحرب يلوح في الأفق فعلا، خاصة مع سيطرة أوكرانيا على خيرسون غرب نهر دنيبرو حيث بات الروس متمركزين في الشرق، وهكذا يبدو أن خطوط التماس ستثبت في هذا السياق، حيث ستوافق كييف غالبا على ضم المناطق الشرقية من البلاد والتي تضم نسب كبيرة من السكان ذوي الأصول الروسية لروسيا، وبما يسمح للروس بالقول أنهم قد حققوا هدفهم الرئيسي من الحرب بمنطقة دونباس الشرقية، والذهاب فيما بعد لتسوية ما".
ويضيف الدبلوماسي السابق: "على عكس التصريحات الروسية، فإن وضع نهاية للحرب بات هدفا أميركيا تسعى له واشنطن بقوة، فمثلا الاجتماع بين رئيسي الاستخبارات الروسية والأميركية مؤخرا، لم يكن ليحدث لولا وجود رغبة متبادلة لحلحلة الأزمة بين البلدين حول أوكرانيا، ذلك أن الادارة الأميركية لا مصلحة لها في استمرار هذه الأزمة وما خلفته من تداعيات كارثية على الاقتصاد الأميركي".
اعتبارات الداخل الأميركي
وأضاف: "حيث قريبا في 3 يناير المقبل سيسيطر الجمهوريون على مجلس النواب الجديد، وغلاتهم ضد المساعدات لأوكرانيا وهم سيتخذون إجراءات تشريعية لتقييدها ووقفها، بل وهم طلبوا بالفعل من بايدن القيام بمساع دبلوماسية وتفاوضية مع الروس لإنهاء التوتر ووقف الحرب".
الحرب الجبهوية انتهت
بدوره يقول الخبير الاستراتيجي والزميل غير المقيم بمعهد ستيمسون للأبحاث، عامر السبايلة، في لقاء مع موقع سكاي نيوز عربية: "كحرب جبهوية تقليدية يمكن القول أن الحرب انتهت فعليا أو تكاد، مع الانسحابات الروسية في جنوب أوكرانيا وتحديدا من مدينة خيرسون، واعتماد الروس وكذلك الأوكرانيين لأسلوب القصف المدفعي والصاروخي المتبادل عن بعد وعبر الطائرات المسيرة، وهذا بالنسبة لكييف يعني قرب نهاية الحرب، لكن بالنسبة لموسكو فإن الحرب لم تنته بعد كونها شكلت بوابة لإحداث تغيير دراماتيكي في علاقاتها مع الغرب عبر فرض العقوبات والعزلة عليها من قبله، ونهاية الحرب لا بد وفق وجهة النظر الروسية تقتضي وفق العقوبات والإجراءات الغربية بحقها".
ويضيف السبايلة: "ولهذا ستبقى الحرب مفتوحة من قبل موسكو لكن عبر البحث عن أساليب وتكتيكات حربية غير مكلفة لها ماديا وبشريا، تفاديا للوقوع في فخ حرب استنزاف تقليدية طويلة"، كما يرى الخبير الاستراتيجي.
ويستطرد: "أوكرانيا في المقابل مع الهدوء النسبي في الجبهات والشتاء يطرق الأبواب، تحاول ضمان الإبقاء على عزلة روسيا، وتحسين وضعها الاقتصادي عبر الدعم الأوروبي والأميركي جراء ما تعرضت له بفعل الحرب، والانتقال لوضع التعافي ونفض غبار تلك الحرب التي تكاد تدخل عامها الثاني".
ويختم السبايلة: "وهكذا فالوضع سيبقى يراوح مكانه أقله على مدى الأشهر القادمة، في ظل رفض روسي لإنهاء الحرب دون مكاسب سياسية كبرى، ودون وقف العقوبات المفروضة عليها غربيا، مقابل رفض أوكراني للرضوخ لشروط الروس".