بدأت جمهورية الكونغو الديموقراطية، السبت، حدادا وطنيا لثلاثة أيام على ضحايا المذبحة التي وقعت في قرية كيشيش بإقليم روتشورو، وتتهم السلطات حركة متمردة بارتكابها.
ويحذر محلل سياسي تحدث لموقع "سكاي نيوز عربية"، من أن عودة اشتداد الصراعات العرقية والسياسية ستكون "برميل بارود"، لا ينفجر فقط في الكونغو الديمقراطية، ولكن قد يشعل حرائق تبتلع عدة دول في منطقة البحيرات العظمى بوسط إفريقيا.
والمذبحة التي راح ضحيتها 50 شخصا، الثلاثاء الماضي، هي أحدث حلقة في سلسلة العنف الذي اشتد الشهر الماضي في قرية كيشيش، وتسبب في فرار 300 ألف شخص، بحسب بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "مونوسكو".
اتهامات متبادلة
تبادلت الحكومة الكونغولية وحركة "23 مارس" (مليشيا من عرقية التوتسي) الاتهامات حول المتسبب في موجات العنف الأخيرة:
- اتهم المتحدث باسم الحكومة باتريك مويايا في تغريدة على موقع "تويتر" حركة "23 مارس" و"قوات الدفاع الرواندية" بارتكاب الجريمة، واصفا الحركة بأنها "إرهابية".
- رد المتحدث السياسي باسم حركة "23 مارس"، لورانس كانيوكا، بنفي المسؤولية، قائلا في بيان إن الحركة "تذكر المجتمع الدولي والوطني بأنها لم تستهدف السكان المدنيين قط".
- ادعت الحركة عدم وفاء الحكومة بتعهدها بدمج مقاتليها في الجيش، وفقا لاتفاق نيروبي 2013.
- أصدر الجيش إنذارًا نهائيًا لوقف إطلاق النار، وفقا لاتفاق أنغولا، الأربعاء الماضي، مطالبا الحركة بالانسحاب من البلدات التي احتلتها، وإلا ستقوم قوة إقليمية في شرق إفريقيا بقيادة كينيا بالتدخل لمواجهة الحركة.
طريق المفاوضات
- في محاولة لإنهاء العنف، استضافت العاصمة الأنغولية لواندا، الأربعاء، اجتماعا بين رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي، ووزير خارجية رواندا فينسان بيروتا، انتهى بالإعلان عن اتفاق لوقف لإطلاق النار اعتبارا من مساء الجمعة.
- بموجب الاتفاق كان مقررا أن تنسحب حركة "23 مارس" من المناطق التي احتلتها، لكنها قالت إنها "غير معنية" بالاتفاق، مطالبة بـ"حوار مباشر" مع الحكومة.
- وبموجب الاتفاق، تم نشر وحدة من القوات الكينية في شرق الكونغو الديمقراطية، وسيلحق بها كتيبتان من أوغندا، واثنتان من بوروندي، وواحدة من جنوب السودان.
- في نفس الوقت، افتتحت في العاصمة الكينية نيروبي محادثات تقودها مجموعة شرق أفريقيا بين الكونغو الديمقراطية ورواندا والميليشيات المسلحة المتواجدة في شرق الكونغو الديمقراطية، الثلاثاء الماضي، دون وجود حركة "23 مارس" التي اشترطت كينشاسا انسحابها من "البلدات المحتلة" أولا.
جذور الصراع
الأزمة بين حكومة الكونغو الديمقراطية والمليشيات جزء من دائرة صراع إقليمي تشمل كذلك رواندا وأوغندا وبوروندي منذ التسعينات.
- الصراع تشعله أسباب عرقية، وتنافس محموم على الموارد الثمينة، نجم عنه إبادات وحروب أهلية.
- حركة "23 مارس" هي ضمن أكثر من 100 مليشيا في شرق الكونغو الديمقراطية.
ثروات فوق برميل بارود
يحذر المحلل السياسي محمد مادي غاباكتي من أن استمرار صراع شرق الكونغو سيكون برميل بارود قد يشعل حرائق في منطقة البحيرات العظمى تبتلع رواندا وأوغندا وبوروندي، ويعرقل انتخابات عام 2023.
وتتهم دول المنطقة بعضها بتغذية المتمردين، خاصة وأن هذه الدول تمتلك ثروات من النفط والذهب والماس ومعادن ثمينة أخرى.
وبوصف "غاباكتي"، فإن ما يدور هو "صراع الموارد"، ضاربا المثل بأن الكونغو الديمقراطية هي ثالث أكبر منتج للماس في العالم بنسبة 23%، وأكبر منتج للكوبالت بنسبة 70%، وهو عنصر أساسي ونادر في ثورة التكنولوجيا الخضراء.
ويأمل المحلل السياسي أن يسهم تحرك دول شرق إفريقيا في إنهاء الصراع الذي تسبب في وفاة 8000 شخص منذ 2017، ونزوح 5.5 مليون آخرين.