أعلنت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ في تونس أن المندوب العام لحماية الطفولة سيتسلم طفلة الأربع سنوات التي وصلت إلى التراب الإيطالي في عمليّة هجرة غير نظاميّة في الـ21 من أكتوبر الماضي، بعد أيام قليلة، وذلك بعد أن حكم القضاء الإيطالي بإعادتها إلى بلادها وتسليمها إلى أسرتها.
وكانت السلطات التونسية في وقت سابق منعت عائلة المهاجرة السرية الصغيرة من الالتحاق بإيطاليا وبدأت إجراءات قانونية وديبلوماسية لاسترجاعها، قالت إنها مراعاة لمصلحتها الفضلى.
يشار إلى أن الطفلة ليندا، البالغة من العمر أربع سنوات، وصلت بمفردها إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية على متن أحد قوارب الهجرة السرية ووضعتها السلطات الإيطالية في أحد مراكز الإيواء وكسبت تضامنا واسعا من منظمات المجتمع المدني في إيطاليا، مما دفع السلطات الإيطالية في بادئ الأمر إلى رفض إعادة الطفلة والإصرار على حضور والديها.
وقال الناشط السياسي والنائب السابق في البرلمان المقيم بإيطاليا مجدي الكرباعي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن السلطات الإيطالية اعتمدت تقريرا مدتها به السلطات التونسية بخصوص الوضعية الاجتماعية لعائلة الطفلة المهاجرة، وإنه تواصل مع عائلتها وتأكد له إعادة تأثيث وصيانة بيتهم قبل تقديم ملف القضية، معلقا بأن السلطات السياسية في تونس نزلت بكل ثقلها لإعادة الطفلة.
وأضاف الكرباعي أن "السلطات الإيطالية مكنت الطفلة من التواصل عبر المكالمات الهاتفية مع أبويها طيلة مدة الشهر الذي قضته في مركز الإيواء وأن القضاء الإيطالي كان ينظر في إمكانية إلحاق العائلة بالطفلة لأن هذا ما تم في وضعيات مماثلة ولكن التدخل السياسي ورفض السلطات التونسية دفع نحو قرار إعادتها إلى بلدها".
من جهته، علق المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي يعد من أكثر منظمات المجتمع المدني اهتماما بملف الهجرة غير النظامية، رمضان بن عمر، أن المصلحة الفضلى للطفلة هي العيش مع أبويها على الأراضي التونسية أو الإيطالية، موضحا أن السلطات التونسية قدمت ضمانات وتعهدات لتعيش الطفلة وعائلتها في أفضل الظروف.
وعلق بن عمر في حديثه للموقع: "نتمنى أن تولي السلطات الاهتمام نفسه لكل وضعيات المهاجرين القصر الذين يلقون بأنفسهم في قوارب الموت وأن تتحرك بشكل استباقي لوقف نزيف الهجرة غير النظامية".
وأكد المختص في علم الاجتماع، فؤاد الغربالي، أن الطفلة المهاجرة تحتاج إلى رعاية نفسية خاصة بعد أن عاشت صدمة نفسية في البحر خلال رحلة الهجرة وانفصالها عن عائلتها، كما تحتاج العائلة لمرافقة اجتماعية بعد أن توقعت إلحاقها بالطفلة على الأراضي الإيطالية وواجهت التحقيق من السلطات، مشيرا إلى أن الدولة التونسية اعتبرت القضية أمرا سياديا وضغطت لاسترجاع الطفلة بينما قدمت إيطاليا رسالة بأنها لا تنخرط في منطق تشجيع الهجرة غير النظامية وإقحام الأطفال في الهجرة.
ودعا المختص في علم الاجتماع إلى ضرورة طرح ملف الهجرة بعمق أكبر وتناوله في إطار سياسة عامة للدولة والتفاوض مع الاتحاد الأوروبي لإيجاد حلول تضمن حق الناس في التنقل وتوقف نزيف موت الشباب في البحر عبر وضع حلول بديلة حتى لا تكون تونس مجرد حارس للحدود الأوروبية وتطرح وجهة نظرها من أجل حل الأزمة.
الجدير بالذكر أن تونس تشهد ارتفاعا في أعداد المهاجرين غير النظاميين العابرين للبحر الأبيض المتوسط في اتجاه الحلم الأوروبي خاصة في أشهر فصل الصيف بالتزامن مع تحسن الأحوال الجوية.
ورصدت إحصائيات رسمية في البلاد عبور أكثر من 20 ألف مهاجر غير نظامي في عام 2021، من بينهم 10 آلاف أجنبي أغلبهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
كما أظهرت إحصائيات المنتدى التونسية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن 2635 قاصرا من بينهم 1832 دون مرافقة عائلية تمكنوا منذ بداية عام 2022 وحتى شهر أغسطس من الوصول إلى السواحل الإيطالية في رحلات هجرة غير نظامية.