ضربت الانقسامات الحزب الجمهوري الأميركي، بعد الإخفاق في الانتخابات النصفية التي جاءت مخيبة للآمال، بعد تحقيق مكاسب أقل من المتوقع بمجلس النواب، وتفوق الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس الشيوخ.
ووفق صحيفة "واشنطن بوست"، فإن الجمهوريين يواجهون مأزقًا وجوديًا حول من يقود الحزب بعد الرئيس السابق دونالد ترامب، وذلك قبل إعلانه الترشح لانتخابات الرئاسة في 2024، هذا الأسبوع.
ووفق الصحيفة الأميركية فإن النتائج المحبطة بالانتخابات النصفية، إلى جانب خسارة ترامب في عام 2020 أمام الرئيس الحالي جو بايدن أدت إلى:
- زيادة الحديث العام والخاص بين الجمهوريين حول التفكير في عالم ما بعد ترامب.
- عدد متزايد من الجمهوريين يحاولون تهميش ترامب والدخول في جيل جديد من قادة الحزب.
- الكثيرون يلقون باللوم ترامب، الذي دفع خلال الانتخابات التمهيدية بمرشحين متطرفين حققوا نتائج سيئة في الانتخابات النصفية العامة.
- يحاول العديد من كبار المانحين للحزب دعم المرشحين الآخرين بعد أن سئموا من ترامب.
- انتقد حلفاء محافظون الرئيس السابق على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الإخبارية، وتساءلوا عما إذا كان يجب أن يستمر كزعيم للحزب.
- الجمهورين يعتبرون أن شعاراته السياسية التي وصفوها بـ"السامة" هي سبب الفشل في 3 دورات انتخابية متتالية.
- ينظر لترمب باعتباره مسؤولاً إلى حد كبير عن "النهاية المخيبة" للجمهوريين.
كما أثارت سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ الأميركي، اتهامات متبادلة داخل الحزب الجمهوري، إذ ألقى منتقدو ترامب، باللوم عليه نظرا للأداء السيء للمرشحين الجمهوريين، كما انتقد جمهوريون آخرون زعيمهم في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، وفقا لموقع "بي بي سي" البريطاني.
كما أن النتائج المتواضعة للجمهوريين أثارت تساؤلات جديدة بشأن جاذبية ترامب، ومستقبل الحزب الذي احتضنه تماماً، ويبدو أنه معرض للخطر، بينما أعطت دفعة جديداً لأقوى منافسيه المحتملين في الحزب الجمهوري، كما تقول وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، التي أكدت أن:
- بعض الحلفاء حضوا ترامب على تأجيل إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية 2024.
- تركيز الحزب الكامل يجب أن ينصب على ولاية جورجيا.
ويقول جيسون ميللر، مستشار ترمب السابق: "سأنصحه بأن يؤجل إعلان ترشحه إلى ما بعد جولة الإعادة في جورجيا"، مضيفاً: "جورجيا بحاجة لأن تكون محور كل جمهوري في البلاد في الوقت الراهن".
فرص ترامب
وسعى ترامب إلى استغلال انتخابات التجديد النصفي كفرصة لإثبات نفوذه السياسي الدائم بعد خسارته للبيت الأبيض في عام 2020.
وأيد أكثر من 330 مرشحاً في سباقات خلال الاقتراع، وغالباً ما ساهم في صعود مرشحين "يفتقرون للخبرة تشوبهم عيوب خطيرة بشدة"، واحتفل بانتصاراتهم في الانتخابات التمهيدية، وفق "أسوشيتد برس" الأميركية.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن ترامب يواجه هجوما من مختلف أطياف الحزب الجمهوري، بعد سلسلة من الخسائر للمرشحين الذين اختارهم ودعمهم، ما يعد مؤشراً على ضعف فوزه بالانتخابات المقبلة أو ترشحه من الأصل.
وأضافت: "تم إلقاء اللوم على ترامب بشكل علني بعد تضاؤل الفرص الجمهورية لأنه دعم مرشحين يفتقرون للخبرة".
وقال الخبير الاستراتيجي بالحزب الجمهوري سكوت ريد إنه "بعد استياء الأميركيين من التضخم وسياسات الرئيس جو بايدن أتيحت للحزب الجمهوري فرصة تاريخية لكن اختيار ترامب لمرشحين غير مؤهلين أهدر تلك الفرصة".
وأضاف: "خسر ترامب الآن ثلاثة انتخابات متتالية للحزب الجمهوري وحان الوقت للتوقف عن هذه السخافات"، وفق قوله.
وكانت النائبة الأميركية عن الحزب الجمهوري ليز تشيني قالت إن ترشح دونالد ترامب لانتخابات الرئاسة في 2024 عن الحزب الجمهوري "من شأنه تحطيم الحزب".
صعود نجم رون ديسانتيس
من جهته قال الخبير الاستراتيجي جلال الطويل، إن فرص ترامب في انتخابات 2024 باتت ضئيلة أمام خصمه الجمهوري الجديد رون ديسانتيس، بعد أن أضاع الفرصة على الحزب واستغلال سوء أوضاع الأميركيين الاقتصادية الحالية جراء سياسات الحزب الديمقراطي.
وعن انتقادات الجمهوريين لترامب بعد الانتخابات يضيف الطويل لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الجمهوريين بعد نتائج الانتخابات النصفية أدركوا أن ترامب بات يشكل عبئا على حزبهم، ويساروهم القلق حول نجاح الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة".
وتابع: "أعتقد أن الجمهوريين لم يكن لديهم مرشحين مؤهلين بقدر كاف لتلك الانتخابات، كما هناك تأثيرات جلبها ترشح الكثير من الأميركيين السود في تلك الانتخابات ما قلل من حظوظ الحزب الجمهوري".
ويردف: "ترامب يسعى لإعلان ترشحه قبل صدور لائحة اتهام ضده بسبب سوء تعامله مع الوثائق السرية بعد مغادرته البيت الأبيض، لأنه في تلك الحالة ستواجه وزارة العدل خيارات عدة صعبة حول كيفية توجيه الاتهامات له".
أما الخبير باتيوك، رئيس مركز البحوث السياسية والعسكرية بمعهد الولايات المتحدة فيقول إن "بروز نجم الشاب الجمهوري حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، سيقلل من فرص ترامب وغيره من كبار السن في المعترك الانتخابي الأميركي المقبل بلا أدنى شك.
وتابع باتيوك أن "استطلاعات الرأي أظهرت عدم رغبة غالبية الأميركيين بتكرار السيناريو الانتخابي لعام 2020 لترامب في سباق 2024، لافتاً إلى أن قرار المحكمة العليا بحظر الإجهاض بأميركا بناء على طلب المحافظين الجمهوريين كان سببا رئيسيا في إخفاقهم في الانتخابات النصفية".