دخلت القوات الأوكرانية، الجمعة، مدينة خيرسون المسماة بـ"رئة القرم" مع استكمال انسحاب القوات الروسية منها، حسبما قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي ووزارة الدفاع الأوكرانية، وهو ما يشكل انتكاسة قوية أخرى لموسكو وتحولا في مسار الحرب، وفق خبراء عسكريين.
وتقع منطقة خيرسون على حدود شبه جزيرة القرم، وتمثل هذه المقاطعة الواقعة في جنوب أوكرانيا خط إمداد حيوي، نظرا لإطلالها على بحر آزوف وكذلك البحر الأسود، بالإضافة إلى قربها من مصب نهر دنيبرو.
وأكدت موسكو، الجمعة، أن قواتها أكملت انسحابها من خيرسون العاصمة الإقليمية الوحيدة التي سيطرت عليها موسكو منذ بداية الحرب، فيما أعلنت كييف استعادة عشرات المناطق التي تنتشر فيها الألغام جنوبا بعد هذا الانسحاب.
ووفق تقارير أوكرانية ومسؤولين استقبل سكان المدينة، القوات الأوكرانية بفرحة عارمة، ونشر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على حسابه بموقع "تويتر" مقطع فيديو يظهر قيام بعض الأفراد بإزالة لافتة من أحد الشوراع عليها العلم الروسي.
وتشكل المباني المحطمة وشاحنة مدمرة على الطريق السريع المؤدي إلى خيرسون دليلا على خط المواجهة السابق في منطقة بوساد بوكروفسكي القريبة.
كما أقام جنود أوكرانيون نقاط تفتيش ووقفوا يلوحون لمركبات الجيش الأوكراني لدى دخولها المدينة ، وفق وكالة" فرانس برس".
وبدخول الجيش الأوكراني مدينة خيرسون، حقق الأوكرانيون 6 مكاسب بعد قرابة 9 أشهر من بدء الهجوم الروسي على في فبراير الماضي.
ووفق صحيفة "الغارديان" البريطانية، فإن كييف ربحت عدة مكاسب قد تغيير مسار الحرب في البلاد، ومن بينها:
• السيطرة على بوابة القرم وحرمان الروس من الممر البري الذي يربط شبه الجزيرة بالبحر الأسود.
• اقتراب المدفعية الأوكرانية بعيدة المدى من شبه جزيرة القرم، التي تعتبرها موسكو ذات أهمية حيوية لمصالحها.
• تعرض إمدادات المياه العذبة لشبه الجزيرة للخطر، حيث تحتاج روسيا هذه المياه من أجل السكان ومنشآتها العسكرية العديدة، وري الأراضي القاحلة بالمنطقة.
• قطع طرق الإمدادات اللوجستية للروس والقدرة على مهاجمة خطوط إمدادات أخرى مثل منطقة زابوريجيا.
• استعادة خيرسون له أهمية رمزية ويعطي دفعة معنوية وثقة للأوكرانيين للدفاع عن بقية أراضيهم.
• المدينة تمنح كييف السيطرة على بعض المناطق على طول ساحل البحر الأسود والذي يعد شرياناً مهماً لتصدير سلعها الغذائية للأسواق الخارجية.
وقال المحلل العسكري أولكساندر موسينكو، إن خسارة خيرسون ستكون ضربة معنوية كبيرة للكرملين، مشيرا إلى أن روسيا عجزت حاليا، عن المضي قدما إلى مدينتي ميكولايف وأوديسا اللتين سعت موسكو إلى الاستيلاء عليهما.
ويضيف: "من الواضح أن خسارة خيرسون وجسرها سيكون لهما عواقب على صورة روسيا وسيُنظر إليها بشكل سلبي داخل البلاد".
ما هي خطة روسيا بعد الانسحاب؟
وعن خطة موسكو بعد الانسحاب من خيرسون، يقول الجنرال الأسترالي المتقاعد ميك ريان، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه:" يجب أولا معرفة إن كان هذا الانسحاب الروسي حقيقيا أو يشكل جزءا من حملة خداع لجر الأوكرانيين إلى معركة يستعد لها الروس".
ويضيف من المرجح أن يتزامن هذا الانسحاب مع خطة للجيش الروسي قد ترتكز على عدة نقاط بينها:
• شن ضربات استراتيجية موسعة في أماكن أخرى من أوكرانيا.
• مواصلة ضرب منشآت الطاقة الأوكرانية وما يسمى بـ"حرب الطاقة" ضد كييف.
• السعي للحصول على أسلحة هجومية بعيدة المدى أصغر كثيرا من أسلحتهم بعد نفاد بعض المخزونات ومن المرجح اللجوء إلى إيران.
ماذا سيفعل الجيش الأوكراني؟
وعن خطوات أوكرانيا المقبلة بعد دخول مدينة خيرسون الاستراتيجية، يقول ريان:
• من غير المرجح أن تعبر القوات الأوكرانية على نطاق واسع إلى الضفة الشرقية لنهر دنيبر قريبا.
• سيتم ذلك عبر عملية ضخمة يخطط لها بعناية وستحتم على الأوكرانيين الهجوم في سلسلة كثيفة من المناطق الدفاعية الروسية على الضفة الشرقية للنهر.
• سيعمل الأوكرانيين على إضعاف وضرب خطوط الإمدادت اللوجستية والقيادية للروس.
• شن هجمات باتجاه الجنوب لمحاولة استعادة مدن أخرى استولت عليها موسكو وضرب أهداف روسية لدعم هجماتهم المستقبلية.
توقعات ميدانية على الأرض
أما الباحث في الشؤون العسكرية مينا عادل، فيقول لموقع "سكاي نيوز عربية" إن دخول القوات الأوكرانية إلى خيرسون، سيؤدي إلى بعض التغيرات الميدانية في سير المعارك ومن بينها:
• اقتراب المدفعية الأوكرانية من القوات الروسية المتمركزة في جزيرة القرم، ما يسهل استهدافها.
• الروس يدركون ذلك وسينفذون طلعات مكثفة بطائرات الإنذار المبكر والاستطلاع من القرم لاستهداف بطاريات المدفعية الأوكرانية.
• في المقابل من المتوقع أنه يتم تكثيف طلعات أسطول الاستطلاع التابع لحلف الناتو كمحاولة لدعم الأوكرانيين بكل لاستكمال المعركة واستغلال ثغرات الخطوط الدفاعية الروسية لتنفيذ هجمات عن طريق القوات الخاصة أو المسيرات الانتحارية الأوكرانية.