في أول تعليق على انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي بمجلسيه (الشيوخ والنواب)، أعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، بأن موسكو تراقب سير تلك الانتخابات، لكنها لا تعول عليها لتحسين واقع العلاقات الثنائية المتردية بين البلدين.
وقال بيسكوف خلال تصريحات صحفية :"لا يمكن القول إننا تركنا كل شيء جانبا لنتابع الانتخابات الأميركية، لدينا الكثير من شواغلنا الخاصة، وهي أكثر أهمية بالنسبة لنا، لكننا بالطبع نحلل بعناية المعلومات الواردة".
الناطق باسم الرئاسة الروسية أضاف :"هذه الانتخابات مهمة، ولكن ربما لن أخطئ إذا قلت إنه لا ينبغي المبالغة في أهميتها لمستقبل علاقاتنا الثنائية على المديين القصير والمتوسط، هذه الانتخابات لا يمكنها أن تغير شيئا جوهريا، لطالما كانت العلاقات سيئة وستبقى كذلك".
نأي بالنفس ولكن
- مراقبون يرون أن موسكو تحاول النأي والظهور بمظهر غير المكترث كثيرا وغير المعني، بما يجري من مواجهة ساخنة في انتخابات الكونغرس بين الجمهوريين والديمقراطيين، تفاديا لاتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية الأميركية.
- لكن الروس، وفق هؤلاء، لديهم حساباتهم ورهاناتهم الخاصة فيما يتعلق بهذه الانتخابات، وما ستتمخض عنها من نتائج، وما قد تحدثه من تحولات في المقاربة الأميركية للحرب بأوكرانيا ومجمل الموقف من روسيا.
- يشيرون أيضا إلى أن هذه الانتخابات وهي الأولى التي تتم في ظل ما يعيشه العالم، من استقطاب حاد بين القوى الدولية الكبرى على إثر الحرب الأوكرانية، تحظى باهتمام وترقب روسيين كبيرين.
ماذا يقول الخبراء ؟
- يقول عامر السبايلة الخبير الاستراتيجي والزميل غير المقيم بمعهد ستيمسون الأميركي للأبحاث، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "من الصعب الحديث عن تغير حقيقي في السياسة الأميركية حيال روسيا على وقع الانتخابات النصفية، فالجمهوريون يدركون حساسية الموقف الأميركي من الروس أكثر من الديمقراطيين، وأن أي تغيير دراماتيكي في المقاربة الأميركية على أيديهم قد ينجم عنه تداعيات سلبية كبيرة على وزنهم ومستقبلهم السياسي كحزب، خاصة وأن الموقف الأميركي من الروس ومن الأزمة الأوكرانية، يبدو موقفا وطنيا عاما وليس مرتبطا بحزب واحد فقط".
- يستدرك قائلا: "لكن قد يكون هناك تحول في طبيعة التعاطي الأميركي عامة مع مختلف ملفات السياسة الدولية الأميركية وأولوياتها، ومحاولة إضعاف الديمقراطيين وإظهار ارتباط سياستهم بالمشاكل الكبيرة التي نجمت عنها".
- يضيف: "لكنه تحول لن يرقى غالبا لدرجة تغيير جوهري في سياسات واشنطن الخارجية، وعلى رأسها الملف الأوكراني والصراع مع موسكو حوله".
شعرة التواصل باقية
بالمقابل، تقول لانا بدفان الباحثة الروسية والخبيرة بالشؤون الدولية، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية": "العلاقات متوترة جدا بين واشنطن وموسكو، خاصة بعد استهداف جسر القرم وخط نورد ستريم لنقل الغاز وصولا لاستهداف أسطول البحر الأسود الروسي بالمسيرات في شبه جزيرة القرم، حيث يؤكد الروس أن هذه الاستهدافات تمت بدعم وتخطيط أميركي وبريطاني".
وتؤكد: "لكن رغم ذلك فإن الأمور لم تنحدر لمرحلة قطع العلاقات تماما، وموسكو وواشنطن مضطرتان ولا ريب لإبقاء شعرة التواصل ولا سيما بخصوص الاتفاقات والقضايا النووية بينهما".
هل تعود المياه لمجاريها؟
- تضيف بدفان: "عودة المياه الروسية الأميركية أمر صعب للغاية في هذه المرحلة، بصرف النظر عن من سيفوز في انتخابات التجديد النصفي الأميركية، فالدعم الأميركي بالسلاح النوعي لكييف يتم بتوافق الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ذلك الدعم الضخم الذي كان له دور كبير في قلب موازين القوى العسكرية في الميدان الأوكراني".
- "علاوة على فرض العقوبات وتجميد الأرصدة والأموال الروسية والتصرف بها، لتمويل منح المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، ولهذا فالخلافات بين موسكو وواشنطن معقدة وحساسة جدا ولا يمكن لأي حزب أميركي أن يكون قادرا على حل الأزمات المتفاقمة مع روسيا"، كما ترى الخبيرة الروسية .
- وتردف: "وحتى لو أبدت روسيا رأيها الفعلي حول المعركة الانتخابية لمجلسي الكونغرس، فسيتهمها الجانب الأميركي بالتدخل في الانتخابات النصفية، ومن هنا يمكن فهم مغزى الموقف الروسي وتعليق الكرملين هذا، وذلك لإبعاد أي تهم من ذلك القبيل قد تلصق بها من قبل واشنطن، فموسكو تتعاطى بطريقة مسؤولة ومراعية لحساسية الأمر ولتفادي أي تصعيد دبلوماسي خطير مع الأميركيين".