مع قرب دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها التاسع، تتزايد وفق الخبراء العسكريين، احتمالات الذهاب لحد استخدام الأسلحة النووية التكتيكية بتلك الحرب لحسمها، في ظل إصرار كييف على رفض الاستفتاءات التي جرت في المناطق الأوكرانية الأربع (لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوروجيا) ومضيها باستهداف تلك المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الروسي.
وما يزيد الموقف حراجة إعلان الكرملين قبل أيام أن المناطق الأربع هي محمية نوويا من قبل موسكو، حالها حال بقية الأراضي الروسية، ما يعني وفق مراقبين أن الروس قد يذهبون إلى درجة الضغط على الزر النووي دفاعا عن هذه المناطق المنضمة حديثا للاتحاد الروسي.
هل يمكن التصدي العسكري للهجوم النووي؟
وفي ظل هذه المؤشرات "النووية" المتواترة والخطيرة، يطرح التساؤل حول مدى القدرة على التصدي عسكريا للهجمات النووية وسبل ذلك.
ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي محمد صالح الحربي، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية": "التلويح بالسلاح النووي، والاستراتيجي منه خاصة، يستخدم عادة للردع والإحباط، ولا يمكن استخدامه فعليا كونه يسبب التدمير الشامل المتبادل، لكن يكثر الكلام الآن عن احتمال استخدام أسلحة نووية تكتيكية من قبل روسيا في أوكرانيا، وهي التي تستخدم في مسرح عمليات محدود النطاق ومغلق، وعادة ما تكون عبر ضربات نوعية محددة في بقعة جغرافية ضيقة".
دور الصواريخ الفرط صوتية
وأضاف الحربي: "لا توجد طرق للتصدي للهجمات النووية، رغم إمكانية التصدي للصواريخ والطائرات الحاملة للقنابل والرؤوس النووية واعتراضها، ولكن الصواريخ الفرط صوتية مثلا يمكنها حمل عدة رؤوس نووية فتاكة، ونسب دقة إصابتها لأهدافها وتلافيها حتى للمضادات لها هي نسب كبيرة جدا، ولهذا فالطرق الاحترازية والوقائية تتجسد في إعداد الملاجئ المحصنة وارتداء الكمامات والخوذ واللباس الواقي من الإشعاع".
دمار شامل
ويشرح الحربي تداعيات الضرب بالسلاح النووي وكوارثه، بالقول: "لكن مع ذلك فالأثر يبقى مدمرا وكارثيا وحتى ولو اقتصر الأمر فقط على استخدام السلاح النووي التكتيكي، ويبقى المهم العمل قدر المستطاع على تخفيف الآثار وتقليل الخسائر، وقبلها إعلان حالة الطوارئ ورفع درجات الاستعداد والتأهب القصوى، كما وأن التقارير الاستخباراتية مهمة لاستباق الأحداث واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، كإخلاء السكان وإغلاق المناطق المتأثرة وتوفير مستلزمات الوقاية من الإشعاعات، وغير ذلك من إجراءات ضرورية للتعامل مع خطر استخدام السلاح النووي، ولو التكتيكي المحدود القدرة التدميرية".
ويسترسل الخبير العسكري بالقول: "يمكن لمختلف أشكال الصواريخ عادة حمل الرؤوس النووية، لكن أخطرها الصواريخ الفرط صوتية، والتي هي عصية على الرصد والتصدي لها من قبل أنظمة الدفاع الجوي، خاصة في حال إطلاقها وفق نظام التتابع والتوالي والموجات".
ماذا عن منظومات الدفاع الجوي؟
وتابع الخبير العسكري: "منظومات الدفاع الجوية أقصى ما يمكنها القيام به في حالة وقوع هجوم نووي، هو تخفيف وطأة الأضرار نسبيا وليس درئها تماما، حيث لا توجد أي وسائل دفاعية للحد من الإشعاعات النووية وهنا مكمن الخطر الأكبر، فلا باتريوت ولا إس 400 ولا غيرهما من منظومات دفاع جوي تقليدية معروفة، بقادرة على منع تداعيات الهجوم النووي، لجهة التلوث الإشعاعي الذي ينتشر في كل مكان".
"أما المنظومات الدفاعية الاستراتيجية فلا أحد يعرف مواصفاتها وخصائصها، ولا مدى قدرتها على مواجهة الهجمات النووية، كونه لم يسبق تجريبها في العلن، ولم يتم الكشف عنها"، كما يوضح الحربي .