فجأة ومن دون سابق إنذار، اندلعت احتجاجات في تشاد أسفرت عن مقتل 50 شخصا وإصابة المئات، وكان المحرك الرئيسي لهذه الاحتجاجات الشباب الرافضين لتمديد الفترة الانتقالية لمحمد ديبي، الذي تولى رئاسة البلاد خلفا لوالده إدريس ديبي الذي اغتيل في أبريل من العام الماضي.
وكانت الحكومة التشادية أعلنت، الخميس، مقتل نحو 50 شخصا خلال صدامات دامية بين الشرطة ومتظاهرين خرجوا في العاصمة إنجمينا ومناطق أخرى تزامنا مع الموعد الذي وعد فيه الجيش عند تسلمه السلطة بنقل الحكم لمدنيين منتخبين، قبل أن يمدد أخيرا الفترة الانتقالية لعامين إضافيين.
وشهدت الاحتجاجات التي غلب عنصر الشباب على المشاركين فيها، أعمال عنف وحرق ممتلكات تجارية وحكومية وتناثرت جثث متظاهرين ورجال أمن في عدد من مناطق وأحياء العاصمة، مما خلق حالة من الهلع.
وفي محاولة لاحتواء الموقف، أعلنت الحكومة حظر تجول ليلي في عدد من المدن.
البطالة والرغبة في التغيير
وقال الصافي آدم، مدير صحيفة "برس235 " الإلكترونية لموقع "سكاي نيوز عربية" إن المشاركة الواسعة للشباب في الاحتجاجات الحالية تعود لحالة الاستياء من ارتفاع معدلات البطالة والرغبة في إحداث تغيير.
ولم يستبعد آدم أن الاحتجاجات خرجت أيضا على خلفية اتساع رقعة الرفض للوجود الفرنسي في البلاد.
وأشار ادم إلى احتمال وجود علاقة بين الاحتجاجات الأخيرة وتلك التي اندلعت في مايو في مدينة أبشي المتاخمة للحدود الشرقية مع السودان، رفضا لإنشاء قاعدة فرنسية هناك.
وتشهد عدد من بلدان وسط وغرب وشرق إفريقيا تنافسا دوليا محتدما في ظل تزايد الوجود الروسي وتغير خريطة التحالفات الدولية والإقليمية.
احتجاجات فريدة النوع
وفي السياق ذاته، اعتبر أبو عبيدة عوض المتخصص في شؤون غرب ووسط إفريقيا أن ما يحدث من حراك شعبي في تشاد يختلف في حيثياته وطبيعته عن النزاعات التي كانت سائدة في المنطقة خلال العقود الأربع الماضية.
وأوضح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن أبرز سمات ذلك الاختلاف تتمثل في دخول عنصر الشباب على المعادلة السياسية.
وتوقع عوض أن ينجح الرئيس ديبي في احتواء الموجة الحالية، نظرا لأنه يعتبر من الجيل ذاته المحرك للاحتجاجات.
وفي نهاية سبتمبر الماضي، أبرمت الحكومة التشادية اتفاقا مع أحزاب سياسية وحركات مسلحة أفضى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة صالح كبزابو البالغ من العمر (75 عاما)، وهو صحفي ومعارض تاريخي للراحل إدريس ديبي.
وبعد أسبوعين من حوار مصالحة وطنية، مُددت الفترة الانتقالية التي دخلت فيها تشاد بعد مقتل ديبي لمدة عامين، وهو ما أثار حفيظة الكثير من المعارضين خصوصا الأحزاب والمجموعات الشبابية التي لم تشارك في الحوار.
وعقب مقتل ديبي نصب الجيش التشادي أبريل نجله الجنرال محمد ديبي رئيسا لمجلس عسكري انتقالي يحكم البلاد لمدة 28 شهرا، وكان يفترض أن تنتهي في أكتوبر الحالي قبل أن تمدد الأسبوع الماضي لعامين آخرين.