يسود ترقب بشأن الاجتماع الذي سيعقده في وقت لاحق الاثنين، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع مجلس الأمن القومي لبحث تداعيات التفجير الذي ضرب السبت جسر كيرتش الرابط بين البر الروسي وشبه جزيرة القرم، في وقت اعتبر محللون أن الأزمة ستدخل مرحلة جديدة عنوانها "زيادة التصعيد" بين موسكو والغرب، وقد يصل الأمر، وفقا لهؤلاء، حد إعلان الحرب رسميا.
وكانت الرئاسة الروسية الكرملين أعلنت، الأحد، أن بوتين، سيعقد الاثنين اجتماعا لمجلس الأمن الروسي، وسيضم الوزراء الرئيسيين ومسؤولين سياسيين وممثلين عن أجهزة الأمن والجيش.
ووقع بوتين مرسوما يقضي بتشديد الإجراءات الأمنية لجسر كريتش ، الذي دمر جزئيا من، بجانب مرافق البنية التحتية التي تزود شبه جزيرة القرم بالكهرباء والغاز الطبيعي، كما أمر بتشكيل لجنة للتحقيق.
ومساء الأحد، اتهم الرئيس الروسي أجهزة الاستخبارات الأوكرانية بالوقوف وراء الانفجار الكبير الذي ألحق اضرارا السبت بجسر القرم، واصفا ما حدث بأنه "عمل إرهابي" ضد منشأة رئيسية في البنى التحتية.
ملفات على طاولة الاجتماع
"الهجوم على الجسر خلق كابوسا لوجستيا وكذلك سياسيا للكرملين"، وفق المحلل التشيكي الكندي المتخصص في الشؤون الدولية، ميتشل بيلفر.
وقال بيلفر، وهو مدير مركز أبحاث في روما، لموقع "سكاي نيوز عربية": "هذه حرب شاملة، الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية الروسية أصبحت الآن أهدافا مفتوحة".
وأضاف بيلفر: "على الرغم من أن الجسر لم يتم تدميره بالكامل، إلا أنه أرسل رسالة واضحة إلى موسكو بأنهم أوكرانيا ليست ضعيفة، والآن عادت شبه جزيرة القرم إلى الساحة عندما يتعلق الأمر بتوسيع الطموحات الأوكرانية لتحرير بلدهم".
وتابع: "من المهم أيضا أن نتذكر أن الجسر كان الممر اللوجستي الوحيد بين شبه جزيرة القرم والبر الرئيسي الروسي، والأهم من ذلك توقف إمداد القوات العسكرية لروسيا في جنوب أوكرانيا".
والسبب الثاني لاستدعاء مجلس الأمن القومي للاجتماع، بحسب بيلفر، مرتبط بـ"مسألة التصعيد مقابل خفض التصعيد. لن يتفاوض بوتين على تسوية في هذه المرحلة، لكن يمكنه إرسال إشارة إلى كييف، وكذلك للغرب، بأنه يعمل على تخفيف حدة الصراع من خلال كيفية انسحاب قواته".
وأوضح: "إذا حاول استعادة الأراضي التي فقدها جيشه خلال الأسبوعين الماضيين، فنحن نعلم أنه لا يحاول تخفيف حدة التصعيد، ولكنه مصمم بشدة على انتزاع الأراضي الشرقية والجنوبية الشرقية لأوكرانيا".
وقال إن طريقة نشر المجندين الذين جرى استدعاؤهم من خلال التعبئة العسكرية الجزئية قد يشي بنهاية الحرب، فإن تم نشرهم في مناطق لا تشهد عمليات حربية، مثل المناطق الخاضعة لسيطرة موسكو بشدة، "فقد يشير ذلك إلى أن نهاية الحرب اقتربت".
إعلان الحرب
بدوره، قال الأكاديمي المتخصص بالشأن الدولي، طارق فهمي، إن الأزمة الأوكرانية تدخل مرحلة جديدة عنوانها "عسكرة الأزمة" واستهداف جسر القرم هو بداية لمرحلة جديدة.
وأضاف فهمي في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، لا بد أن ينتقل بوتين من مرحلة الوعود إلى التنفيذ، حيث حذر مرارا من المس بأي أراض روسية، خاصة أن القوميين الروس يطالبون برد قاس وانتقادات لتأخر الكرملين في القرارات.
وقال إن الاجتماع سيتناول سبل التصعيد لأكبر قدر ممكن، ومحاولة النأي بنفسه عن سياسة حافة الهاوية التي تريد أميركا والغرب دفعه نحوها لكي يسقط أو يقدم تنازلات.
ولفت إلى أن الأمر الثالث قد يكون "إعلان الحرب" فحتى الآن هي مجرد عملية عسكرية، وهذا معناه تجاوب الجيش الروسي للدفاع عن الفضاء الروسي.
واعتبر أن الأيام المقبلة ستشهد تصعيدا كبيرا من الجانبين بعد العمليات التخريبية الأخيرة، فبوتين سيوجه رسالة إلى الغرب بأنه "إذا عدتم عدنا" بمعنى أنه قد تمتد الحرب إلى دول جوار وهو ما يعني مأزق جديد لدول الناتو.
وتوقع أن يسعى الرئيس الروسي إلى تفعيل معاهدة الأمن الجماعي وجمع أكبر قدر من الحلفاء بعد عقد قمة غير رسمية لرؤساء بلدان رابطة الدول المستقلة في سان بطرسبرغ.
وحول موقف الغرب، أشار إلى أن الأميركيين في حالة ارتباك مع قرب الانتخابات والغرب منقسم بعد تصريحات الرئيس الفرنسي،إيمانويل ماكرون، ومطالبته بعدم تركيع روسيا، والرئيس الأميركي، جو بايدن، لديه معلومات استخباراتية بأن بوتين سيصعد لذلك يحذر منذ أيام عن استخدام بوتن للأسلحة النووية.
ولفت إلى أن بوتين قد يلجأ إلى استخدام سلاح نووي تكتيكي من أجل زيادة الضغط وتنفيذ الوعود أمام الروس ومن ثم الضغط على الغرب من أجل التفاوض من أرض متماسكة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب.