بلغت عدد المحاولات الانقلابية في القارة الإفريقية 205 خلال الأعوام الستين الماضية، مما يطرح علامات استفهام بشأن الأسباب التي تقف وراء كثرة الانقلابات في القارة السمراء.

وشهدت الأشهر العشرة الأخيرة 5 محاولات، منها في مالي بقيادة غوتا في مايو 2021، وأخرى في غينيا كوناكري في سبتمبر 2021 بقيادة العقيد مامادي دومبويا والأسبوع الأخير من يناير 2022 في بوركينا فاسو بقيادة العقيد بول هنري زامبيا.

قارة مضطربة

ورغم الموارد الطبيعية الضخمة التي تتمتع بها القارة الإفريقية والتي يشكل معظمها عنصرا أساسيا في العديد من الصناعات الثقيلة في أوروبا والصين والولايات المتحدة الأميركية وآسيا، إلا أن سكان معظم دول القارة البالغ عددهم نحو 360 مليون نسمة لم ينعموا بأي نوع من الاستقرار الأمني أو السياسي أو الاقتصادي، إذ يعيش أكثر من 55 في المئة منهم تحت خط الفقر، كما شهدت دولا مثل سيراليون وليبريا ورواندا ومالي حروبا ونزاعات أهلية استمرت عشرات السنوات وراح ضحيتها أكثر من 13 مليون قتيل وشرد بسببها نحو 33 مليونا.

ووفقا لخبراء في الشأن الإفريقي، فإن ضعف الاقتصادات الإفريقية والبيئة الأمنية المضطربة، إضافة إلى عدم احترام المواثيق الديمقراطية ولجوء العديد من الحكام المدنيين لتمديد فترات حكمهم، جميعها عوامل تثير الغضب الشعبي وتهيئ بيئة الانقلابات العسكرية التي تزيد الأمر تعقيدا.

وفي هذا السياق، يرى لوكا بيونق دينق، الأستاذ والعميد الأكاديمي في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع القومي في واشنطن، إن القارة الإفريقية بحاجة إلى بناء مؤسسات راسخة تمنع تكرار هذه الظاهرة، إضافة إلى العمل على ترسيخ مفاهيم الحكم الديمقراطي والمدني على جميع المستويات، مؤكدا أن ظاهرة الانقلابات أقعدت القارة الإفريقية كثيرا وحرمت سكانها من الاستفادة من الموارد الهائلة المتوافرة.

ويقول دينق لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه وبدون العمل الجاد لبناء مؤسسات الحكم المدني فستظل القارة الإفريقية "بيئة خصبة للانقلابات العسكرية التي دائما ما تنهك الاقتصادات وتتسبب في الهشاشة الأمنية التي تؤدي إلى الحروب الأهلية التي عانت منها بلدان القارة لسنوات طويلة". 

أخبار ذات صلة

ما سبب تغيّب الطلاب عن المدارس في لبنان؟
الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر بشأن "تفشي الكوليرا"

ظاهرة مستفحلة

بفعل الضغط الدولي والإقليمي والشعبي، تراجعت في مطلع الألفية الحالية ظاهرة الانقلابات التي لازمت بلدان القارة الإفريقية لنحو 6 عقود، لكن السنوات العشر الماضية عادت الظاهرة من جديد.

وتعد بوركينا فاسو أيضا من البلدان التي شهدت سلسلة من الانقلابات العسكرية بلغ في مجملها 10 محاولات كان آخرها في يناير.

وشهدت أوغندا منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1962 أكثر من 6 انقلابات عسكرية آخرها عام 1986 بقيادة الرئيس الحالي يويري موسيفيني.

وفي فبراير 1966، وقع أول انقلاب عسكري في أوغندا، إذ أطاح "ميلتون أوبوتي" بالملك "موتيسا الثاني"، ملك ما كان يعرف بـ"بوغاندا".

وبعد ذلك بخمس سنوات، استولى الجنرال عيدي أمين، على الحكم بانقلاب على الرئيس أوبوتي.

وبعد الإطاحة بامين، جرت ثلاثة انقلابات أخرى أعوام 1980 و1985 و1986 على التوالي، وقاد الانقلاب الأخير يويري موسيفيني الذي فاز في 2011 بولاية رئاسية جديدة.

وفي الجانب الآخر، شهدت منطقة جنوب إفريقيا عددا أقل من انقلابات شرق وغرب القارة السمراء، وعزا محللون ذلك إلى المؤسسات القوية في تلك الدول والتزامها بالحكم الديمقراطي، إذ شهدت دولة ليسوتو حتى الآن انقلابين اثنين، وزيمبابوي انقلابا واحدا نفذه الجيش على روبرت موغابي في نوفمبر 2017.

كما جاء انقلاب غينيا بيساو الأخير وسط حالة من عدم استقرار عميقة في جميع أنحاء غرب إفريقيا، ووقع بعد أسابيع فقط من قيام الجيش في مالي المجاورة بانقلاب ثان خلال عام، وقبلها قام الجيش التشادي بانقلاب في أبريل الماضي.

ويقول الكاتب الصحفي مأمون الباقر، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هنالك العديد من الأسباب التي فاقمت ظاهرة الانقلابات في القارة أبرزها عدم استيعاب الدور الوطني للجيوش، إضافة إلى عدم ممارسة النخب السياسية ما يكفي من العمل الديمقراطي.