رغم أن المناطق الأربع في أوكرانيا ستبدأ، الجمعة، تنظيم استفتاءات للانضمام لروسيا، هي عمليا مرتبطة بالفعل بموسكو، يرى خبراء أن هذه الخطوة ستفتت أوكرانيا كدولة، وستطلق مرحلة جديدة من الصراع المشتعل منذ 7 أشهر .
وستنطلق اليوم حتى الـ27 من سبتمبر الجاري استفتاءات في مناطق لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزاباروجيا.
معلومات عن مناطق الاستفتاء
- تبلغ مساحة الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا 100 ألف كلم مربع، أي ما يشكل قرابة 20 في المئة من مجموع مساحة البلاد.
- يتراوح عدد سكان تلك المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية ما بين 5 إلى 7 مليون نسمة، أي ما يقارب 15 بالمئة من مجموع سكان أوكرانيا.
- لوغانسك: تبلغ مساحتها أكثر من 26.5 كم مربع، وعدد سكانها يبلغ نحو مليونين وربع المليون نسمة.
- دونيتسك: تبلغ مساحتها 26.5 كم مربع، وعدد سكانها يتجاوز 4 ملايين نسمة.
- خيرسون : مساحتها تبلغ 28 ألف كم مربع ويبلغ عدد سكانها زهاء مليون نسمة.
- زاباروجيا : مساحتها تبلغ 20 ألف كم مربع وعدد سكانها يفوق المليون ونصف مليون.
خيار شعبي
يقول رئيس مركز الحوار الروسي العربي، مسلم شعيتو، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية" :"هذه المناطق الأربع هي من طالبت بتنظيم الاستفتاءات فيها للخلاص من القمع الأوكراني المديد لها، ولهذا فالانضمام لروسيا هو خيار شعبي عام في تلك المناطق التي تنقسم لقسمين:
- أولها: تلك التي تقع في إقليم دونباس بالشرق، وتضم جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك اللتين بادرتا منذ عام 2014 لاعلان استقلالهما عن كييف، لكنهما ظلتا طيلة 8 سنوات تتعرضان لضغوط عنيفة ولقصف شبه يومي من قبل القوات الأوكرانية، وهو ما أدى لمقتل أكثر من 14 ألف شخص من مواطنيهما، ولهذا فالاستفتاء للانضمام لروسيا هو الطريق الوحيد أمام لوغانسك ودونيتسك للخلاص من التهديدات الأوكرانية المتواصلة".
- ثانيهما: منطقتا خيرسون وزابوروجيا فتقعان في الجنوب، وهما أيضا لطالما عانى سكانهما من الاضطهاد والتمييز على خلفية كونهم في غالبيتهم من الروس، ولهذا فالاستفتاء فيهما يحظى بدعم شعبي واسع، حيث يقدر عدد من يحق لهم التصويت بأكثر من نصف مليون، في حين أن مجموع سكانهما كان يربو على 5 ملايين نسمة، لكن بفعل سياسات كييف التمييزية وبفعل الحرب هاجر الكثيرون منهم على مدى السنوات الماضية".
خلفية تاريخية
يضيف شعيتو: "هذه المناطق الأربع تاريخيا هي روسية، فمثلا خيرسون كانت من أهم موانئ الإمبراطورية الروسية في البحر الأسود، وكذلك ميناء مدينة ماريوبول، وحتى عاصمة أوكرانيا كانت تسمى في العهد القيصري بكييف الروسية، حيث أن سكان هذه المناطق يتحدثون الروسية كلغة أم، وتربطهم صلات تاريخية ودينية وثقافية عريقة بروسيا، إن في عهودها القيصرية أو في زمن الاتحاد السوفييتي السابق".
ويسهب الخبير في الشؤون الروسية، قائلا :"الدولة السوفييتية وزعت المناطق والأقاليم التابعة لها إداريا، وفقا لاعتبارات وحسابات أيديولوجية لإنشاء جمهوريات عديدة، ومع انهياره تخلى بوريس يلتسن الذي حل محل غورباتشوف كأول رئيس للاتحاد الروسي الجديد، عن حقوق روسيا التاريخية والجغرافية في تلك الجمهوريات كأوكرانيا مثلا".
مناطق غنية بالموارد الطبيعية
"هذه المناطق تتمتع بثروات وموارد طبيعية كبيرة وهي منبع رئيسي للفحم الحجري والحبوب والغلال وخاصة دوار الشمس"، وفق شعيتو.
ويضيف: "فضلا عن المصانع الكثيرة التي تميزها والتي تعود بتاريخها لزمن السوفييت، وهو العامل الأبرز الذي دفع الزعيم السوفييتي فلاديمير لينين، لالحاقها آنذاك بجمهورية أوكرانيا السوفييتية سعيا منه لايجاد طبقة عاملة قوية فيها تماشيا مع الايديولوجية الماركسية اللينينية".
واقع جيوسياسي جديد
من جهته، يقول الخبير في الشأن الروسي والأستاذ بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد، رامي القليوبي، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية": "اثنتان من بين المناطق الأربع التي ستلتحق بروسيا، وهما دونيتسك ولوغانسك حتى قبل إجراء الاستفتاءات المرتقبة غدا، تقعان خارج سيطرة كييف وسلطتها، فهما منذ عام 2014 منفصلتان عن أوكرانيا، إبان تفجر أزمة شبه جزيرة القرم بين موسكو وكييف آنذاك".
ويضيف: "أما مقاطعة خيرسون فهي من أول المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية في بداية عمليتها العسكرية في أوكرانيا ومركزها مدينة خيرسون بسط الروس سيطرتهم الكاملة عليها في منتصف شهر مارس الماضي، فيما تسيطر روسيا على قرابة 75 في المئة من مساحة مقاطعة زابوروجيا".
توسع الاتحاد الروسي
ويتابع: "بعد هذه الاستفتاءات وانضمام تلك المناطق للسيادة الروسية، فإن عدد الكيانات الإدارية في روسيا سيرتفع من 85 إلى 89 كيانا، وبذلك ستنطبق أوتوماتيكيا العقيدة العسكرية الروسية على هذه المناطق، بحيث أن تعرض أي منها للهجوم سيعتبر تهديدا لوجود الدولة الروسية ككل"، وفق الخبير بالشؤون الروسية .
ويقول: "وهكذا فالتلويحات الروسية بالسلاح النووي قبيل تنظيم هذه الاستفتاءات، لا يجب قراءتها كتهديد مباشر باستخدامه، بل هي أقرب لرسائل تحذيرية للغرب للحد من إيغاله بدعم أوكرانيا عسكريا، والرضوخ للواقع الجيوسياسي الجديد الذي سيتمخض عن الاستفتاءات الأربعة"، كما يختم القليوبي .