توسع زحف اليمين السياسي المتطرف في أوروبا وشكل بقعة تتسع مع الوقت في كل استحقاق انتخابي، وهو ما أثار تساؤلات بشأن أسباب جنوح صناديق الاقتراع إلى اليمين في عواصم أوروبية مهمة.
ففي السويد، حصل التكتل المحافظ المؤلف من 4 أحزاب من اليمين واليمين المتطرف، بقيادة أولف رئيس حزب المحافظين، على 176 مقعدا في البرلمان مقابل 173 مقعدا للتكتل اليساري من أصل 349 مقعدا، الأمر الذي دفع رئيسة وزراء السويد وزعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي ماغدالينا أندرسون، لتقديم استقالتها، الخميس.
ورغم فوزالأحزاب اليمينية السويدية بانتخابات 2018، لكن لم يمكنها تشكيل الحكومة بموجب الفيتو الذي كان مفروضا على التعاون مع اليمين المتطرف. بينما منحت نتائج الانتخابات الأخيرة اليمين المتطرف لأول مرة الكتلة الأكبر، وسمحت لزعيم المحافظين السويديين بمباشرة مهمة تشكيل الحكومة الجديدة.
ويتبنى اليمين المتطرف بالسويد، مواقف مؤيدة للاندماج في المشروع الأوروبي وحلف الناتو.
وفي إيطاليا، وقبل انطلاق السباق الانتخابي بنحو أسبوع، أشارت التوقعات إلى تفوق الأحزاب اليمينية بالانتخابات بـ46 في المئة من الأصوات، وأن يكون حزب "إخوة إيطاليا" هو الفائز الأكبر، ما يقرب زعيمته جورجيا ميلوني من رئاسة الحكومة المقبلة.
ويضم الائتلاف اليميني حزب "إخوة إيطاليا" ذات الأصول الفاشية، وحزب "الرابطة" القومي الرافض للهجرة، وحزب "فورتسا إيطاليا" اليميني.
ماذا يحدث في أوروبا؟
لم يقتصر وضع تصاعد اليمين المتطرف على السويد وإيطاليا فقط، بينما شهدت كبرى دول أوروبا تناميا غير مسبوق لأحزاب اليمين الراديكالي المتطرف خلال الأشهر الماضية.
• في سبتمبر الماضي، حصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" على 10 في المئة من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية الألمانية الأخيرة.
• في أبريل، حصلت مارين لوبان، زعيمة حزب التجمع الوطني في فرنسا، المناهضة للمهاجرين، على 41.8 في المئة في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
• في الشهر نفسه، فاز حزب "فيدس" اليميني البلغاري بنسبة 52.73 في المئة من الأصوات، ما تمثل أغلبية الثلثين في الانتخابات البرلمانية، لذا أعيد انتخاب فيكتور أوربان، زعيم الحزب اليميني والمعروف بمواقفه الرافضة للهجرة، رئيس وزراء للمرة الرابعة.
• في يونيو، فاز حزب التجمع الوطني اليميني بـ89 مقعدا في الانتخابات الفرنسية البرلمانية، وتعد هذه النتائج انتصارا كبيرا للأحزاب اليمينية في فرنسا.
أسباب ودلالات
يقول رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، جاسم محمد، إن الحزب اليميني المتطرف في السويد بالانتخابات الأخيرة تحول من حزب منبوذ إلى ثاني أكبر حزب في السويد، وبالمثل تتصاعد شعبية اليمين المتطرف في إيطاليا قبل الانتخابات بنحو أسبوع.
ويوضح محمد في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، الأسباب الرئيسية وراء صعود أحزاب اليمين الراديكالية في أوروبا خلال السنوات الأخيرة.
• السبب الأول يعود إلى أن أحزاب اليمين المتطرف تعيش دائما على انتقاد برامج الحكومات الأوروبية والسياسات الاقتصادية التي تنفذها.
• السبب الثاني يرتبط بسوء الأوضاع الاقتصادية في دول أوروبا ما يجعل الفرصة سانحة أمام شعارات اليمين المتطرف.
• السبب الثالث يتعلق بظهور توجه داخل الشارع الأوروبي رافض لسياسات اللجوء والهجرة التي تتبعها عدد من دول أوروبا، وهو الأمر الذي يتوافق مع برامج الأحزاب اليمينية المعادية للهجرة.
• أما عن دلالة هذا الصعود للأحزاب اليمينية، يشير محمد إلى أن الحرب الأوكرانية ساعدت في تنامي الشعور القومي لدى بعض الأوروبيين، ومن ثم تصاعد الشعور بضرورة التمترس نحو الدول الوطنية في دول أوروبا.
دوافع التصويت
يوضح إياد شهاب، الناشط السياسي بحزب اليسار السويدي، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية كانت دافعا أساسيا للناخب الأوروبي لاختيار أحزاب اليمين مؤخرا، وتتمثل في:
• زيادة الديون وخروج رؤوس الأموال من أوروبا وانخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار.
• ارتفاع الضرائب وزيادة نسبة البطالة.
• تدفق المهاجرين وظهور موجات كراهية ضدهم.
• التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا.
ماذا ينتظر أوروبا؟
• عن مصير أوروبا خلال الأعوام المقبلة، يتوقع رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، اجتياح اليمين المتطرف لأوروبا على مستويات التيارات الشعبية والأحزاب السياسية والبرلمانات، حتى أن صعود اليمين الراديكالي وصل إلى الاتحاد والبرلمان الأوروبي.
• وتهدد زيادة مقاعد اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي وبرلمانات الدول الأوروبية، تماسك الاتحاد الأوروبي وتزيد من النزعة المتطرفة، خاصة في ظل تنسيق الأحزاب اليمينية في إيطاليا وبولندا والمجر، حسب شهاب.
• يؤكد محمد على أن نتائج الانتخابات السويدية كانت مفاجئة، بحصول الحزب اليميني على 20.9 في المئة من الأصوات، نظرا لأن السويد هي معقل حقوق الإنسان بأوروبا، ما يزيد المخاوف بشأن أوضاع المهاجرين الفترة المقبلة.